كتاب تبييض الصحيفة بأصول الأحاديث الضعيفة (اسم الجزء: 2)

قال: كان شريك رجلًا له عقل، فكان يحدث بعقله، فقال أحمد: سماع هؤلاء أصح عنه، قيل: إسحاق الأزرق ثقة؟ فقال: إى والله ثقة". كما في "تاريخ بغداد" (6/ 320 - 321).
وقال البغوى في "الجعديات" (2522): "حُدِّثت عن أبي نعيم، قال: ما كتبت عن شريك بعد ما ولى القضاء إلا حديثًا واحدًا".
قلت: وراوى الحديث عند البيهقي هو سعيد بن سليمان الواسطى، وهو - وإن لم ينص عليه الإِمام أحمد خاصةً - لكن لا شك أن رواية الواسطيين (¬30) عن شريك أصح من رواية الكوفيين، فأخشى أن تكون رواية شريك عن محمد ابن زيد لا عن محمد بن أبي حميد من رواية من سمع منه بعد تغير حفظه وتوليه القضاء، أو يكون شيخ الطبرانى فيه من شيوخه - غير القليلين - الذين لا يُعرف فيهم جرح ولا تعديل. و"المعجم الأوسط" موجود كله الآن لكن البحث فيه متعذر جدًا لأننى لا أعرف عمن رواه، فنظرة إلى ميسرة. فلو صح أحد الاحتمالين المذكورين، تكون هذه الرواية معلولة لا يعتد بها في الاقتصار على تضعيف الحديث.
وهناك ملاحظة أخرى على كلام الألبانى حفظه الله، أعنى قوله: "وعبد الله بن محمد بن المنكدر لم أجد له ترجمة". وهو معذور في ذلك، فإن عبد الله هذا مقل جدًا، لذلك لم يذكره كبير أحد. قال الحافظ مسعود بن على السجزى في "سؤالاته للحاكم" (326) - رحمهما الله -: "وسمعته يقول: قد حَدَّث من ولد محمد بن المنكدر ثلاثة، يوسف، وعبد الله، والمنكدر،
¬__________
(¬30) إلا أن يزيد بن هارون- خاصةً - يتوقف في روايته عن شريك، فقد روى الخطيب في "الكفاية" (ص 515) عنه: قدمت الكوفة فما رأيت بها أحدًا إلا وهو يدلس، إلا مسعر بن كدام وشريكا. وفي إسناده أبو الفتح الأزدي لكنه يمشى في مثل ذلك. والظاهر أن يزيدًا سمع منه أيضًا بالكوفة ولا ندرى أكان قد ولى القضاء أم لا، فالله أعلم.

الصفحة 129