كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (اسم الجزء: 2)
(يَا علو لَو شِئْت أبدلت الصدود لنا ... وصلا ولان لصب قَلْبك القاسي)
(هَل لي سَبِيل إِلَى الطهران من حلب ... ونشوة بَين ذَاك الْورْد والآسى)
وكقول ابْن الخفاجي
(وَحل عُقُود المزن فِي حجراته ... نسيم بأدواء الْقُلُوب خَبِير)
(فَمَا ذكرته النَّفس إِلَّا تبادرت ... مدامع لَا يخفى لَهُنَّ ضمير)
وكقول أبي فراس
(الشَّام لَا بلد الجزيرة لذتي ... وقويق لَا مَاء الْفُرَات منائي)
(وأبيت مُرْتَهن الْفُؤَاد بمنيح ... الزَّوْرَاء لَا بالرقة الْبَيْضَاء)
وكقول الْمُهَذّب عِيسَى الْحلَبِي
(يَا حبذا التلعات الْخضر من حلب ... وحبذا طلل بالسفح من طلل)
(يَا سَاكِني الْبَلَد الْأَقْصَى عَسى نفس ... من سفح جوشن يطفى لاعج الغلل)
وكقول أبي بكر الصنوبري
(قويق على الصَّفْرَاء ركب مَتنه ... رباه بِهَذَا شَاهد وحدائقه)
(فَإِن جد جد الصَّيف غادر جِسْمه ... ضيئلاً وَلَكِن الشتَاء يُوَافقهُ)
وَهَذَا الْبَاب وَاسع جدا فلنقتصر مِنْهُ على هَذَا الْمِقْدَار فَفِيهِ غنية وجوشن اسْم مَوضِع بحلب وقويق بِضَم الْقَاف على فعيل مصغر أنهر صَغِير بِظَاهِر حلب يجْرِي فِي الشتَاء وَالربيع وَيَنْقَطِع فِي الصَّيف وَقد ذكرته الشُّعَرَاء فِي أشعارهم كثيرا وبطياس بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الطَّاء الْمُهْملَة وَفتح الْيَاء الْمُثَنَّاة من تحتهَا وَبعد الْألف سين مُهْملَة وَهِي قَرْيَة كَانَت بِظَاهِر حلب ودثرت وَلم يبْق مِنْهَا الْيَوْم أثر وبانقوسا وبابلي مكانان معروفان بحلب انْتهى ووفاة سرُور كَانَت فِي حُدُود الْعشْرين بعد الْألف بالتقريب كَمَا يرشد إِلَى ذَلِك مدائحه فِي بني سَيْفا وَالله أعلم
سعد الدّين بن مُحَمَّد بن حُسَيْن بن حسن وَتقدم ذكر تَتِمَّة نسبه فِي تَرْجَمَة أَخِيه إِبْرَهِيمُ الشَّيْخ الْجواد المربي الدِّمَشْقِي القبيباتي الجباوي الشَّافِعِي أحد مَشَايِخ الصُّوفِيَّة بِدِمَشْق تولى مشيخة بَيتهمْ بعد أَخِيه مُحَمَّد وتصدى لتلقي الصُّوفِيَّة وَالزُّوَّارِ بزاويتهم الْمَعْرُوفَة بهم بمجلة القبيبات وَكَانَ يُقيم ميعاد الذّكر يَوْم الْجُمُعَة بالجامع الْأمَوِي وعلت كَلمته وعظمت حرمته وَأَنْشَأَ أملاكاً وعقارات كَثِيرَة وَحج فِي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَألف فَتوفي بمنى وَحمل إِلَى مَكَّة وَدفن بالمعلاة عِنْد العرابي وَكَانَت
الْمقري الْمهْدي الْبَصِير بِصَنْعَاء وعَلى الْفَقِيه صَلَاح الْوَاسِع كَذَلِك فِي مَسْجِد دَاوُد بِصَنْعَاء وعَلى الْفَقِيه مُحَمَّد بن صَالح الأصابي الْمَكِّيّ وَسمع بزييد صَحِيح البُخَارِيّ وَمُسلم وَالْجَامِع الصَّغِير وذيله للسيوطي وتمييز الطّيب من الْخَبيث فِي علم الحَدِيث للديبع والتيسير الْجَامِع للأمهات السِّت البُخَارِيّ وَمُسلم والموطأ وَسنَن أبي دَاوُد وجامع التِّرْمِذِيّ وَسنَن النَّسَائِيّ على الإِمَام الْعَلامَة الْمُحدث مُحَمَّد بن الصّديق الْخَاص السراج الخنفي سنة تسع وَأَرْبَعين وَبَعضه فِي سنة خمسين وَأَجَازَهُ بمرورياته بِإِجَازَة كتبهَا لَهُ سنة خمسين وَألف وَسمع أَيْضا صَحِيح البُخَارِيّ على الْفَقِيه الْعَلامَة عَليّ بن أَحْمد الحشيبري وَسمع على الْفَقِيه الْعَلامَة أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن مطير جمع الْجَوَامِع للسبكي وصحيح البُخَارِيّ وَتَفْسِير الْبَغَوِيّ فِي بَيت الْفَقِيه الزيدية وَفِي مَدِينَة زبيد وَسمع صَحِيح البُخَارِيّ أَيْضا على الْفَقِيه الْعَلامَة عبد الْوَهَّاب بن الصّديق الْخَاص الزبيدِيّ وَسمع الْجَامِع الصَّغِير وصحيح مُسلم على الْفَقِيه الْعَلامَة مُحَمَّد بن عمر حشيبر الْحَافِظ الْمُحدث فِي بَيت الْفَقِيه الزيدية وَكَانَ يحضر فِي قِرَاءَة هَذِه الْكتب مَا يتَعَلَّق بهَا من المصنفات فِي عُلُوم الحَدِيث وَرِجَاله وَتَفْسِير غَرِيبَة وَأَجَازَهُ مشايخه المذكورون بِسَائِر مسموعاتهم ومجازاتهم وَذكر لَهُ عدَّة أَسَانِيد أَعرَضت عَنْهَا لطولها وَبِمَا ذكر تعرف جلالة قدره وَطول بَاعه فِي جَمِيع الْعُلُوم وَله أجوبة على مسَائِل كَثِيرَة وَردت عَلَيْهِ من عُلَمَاء ذَلِك الزَّمَان ورسائل بليغة وخطب رائقة وأشعار فائقة وَلما أنْشد بعض من حضر مجْلِس سَمَاعه فِي الحَدِيث بزبيد المحروسة على شَيْخه مُحَمَّد الْخَاص الحني بَيْتِي ابْن حزم الظَّاهِرِيّ وهما
(إِن كنت كَاذِبَة الَّتِي حَدَّثتنِي ... فَعَلَيْك إِثْم أبي حنيفَة أوزفر)
(الواثبين على الْقيَاس تمردا ... والراغبين عَن التَّمَسُّك بالأثر)
أَخذ الشَّيْخ فِي ذمّ ابْن حزم لَا جلهما فَقَالَ صَاحب التَّرْجَمَة بديهة
(مَا كَانَ يحسن يَا ابْن حزم ذمّ من ... حَاز الْعُلُوم وفَاق فضلا واشتهر)
(فَأَبُو حنيفَة فَضله متواتر ... وَنَظِيره فِي الْفضل صَاحبه زفر)
(أَن لم تكن قد تبت من هَذَا فَفِي ... ظَنِّي بأنك لَا تبَاعد عَن سفر)
(لَيْسَ الْقيَاس مَعَ وجود أَدِلَّة ... للْحكم من نَص الْكتاب أَو الْخَبَر)
(لكنّ مَعَ عدم تقاس أَدِلَّة ... وبذاك قدوصي معَاذ إِذْ أَمر)
فأعجب الْحَاضِرُونَ بذلك وكتبوه عَنهُ فِي الْحَال وَحضر مجْلِس التدريس فِي بعض
الصفحة 308