كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (اسم الجزء: 2)

(بأهيف كالقضيب قامته ... تسقيه دَوْمًا جفوني السكب)

(كَالشَّمْسِ أنواره وغرته ... فَمَا لَهُ بالظلام ينتسب)

(تسفح من سفح مقلته سحب ... إِذْ لَاحَ من فِيهِ بارق شنب)

(كَأَنَّمَا فيضها ووابلها ... أَعَارَهُ الْفَيْض رَاشد النّدب)
وَكَانَ فِي فن الموسيقى من الْأَفْرَاد وَله أغان متداولة ومقبولة جَارِيَة على الصَّنْعَة البارعة وَأكْثر أغانيه من نظمه المطرب فَمن ذَلِك مَا ابتدعه فِي نَغمَة السيكاه من الثقيل
(أما والهوى لَوْلَا العذار المنمنم ... لما اهتاج وجدي ساجع يترنم)

(وَلَا اهتجعت عَيْنَايَ من فيض أدمعي ... قضى جريها أَن لَا يفارقها الدَّم)

(هُوَ الْحبّ مَا أحلى مقاساة خطبه ... وأعذبه لَو كَانَت الْعين تكْتم)
وَله من نَغمَة الْحجاز وَالضَّرْب مخمس
(لَا تطلعي فِي قمر أنني ... أَخَاف أَن تغلط أهل السّفر)

(أَو طلعت شمس فَلَا تطلعي ... أَخَاف أَن تعمي عُيُون الْبشر)
وَله من هَذِه النغمة وَالضَّرْب دارج
(لمن العيس عشيا تترامى ... تركتهَا شقق الْبَين سهاما)

(كلما برقعها نشر الصِّبَا ... لبست من أَحْمَر الدمع لثاما)

(شفها جذب براها للحمى ... فَهِيَ تصمي لرب نجد زماما)

(فِي هواكم آل نجد زَاد وجدي ... وَغدا الْقلب ولوعا مستهاما)
وَله من الألحان الفارسية الْمَشْهُورَة مسرت آباد فِي نَغمَة الْعرَاق وضربه ثقيل وجام جم فِي نَغمَة الْحُسَيْنِي وضربه خَفِيف وَغير ذَلِك وَأشهر مَاله من الشعرة وَله فِي راقص
(وراقص تقضيب الْبَانِي قامته ... تكَاد تذْهب روحي فِي تنقله)

(لَا تَسْتَقِر لَهُ فِي رقصه قدم ... كَأَنَّمَا نَار قلبِي تَحت أرجله)
وَكثير من أهل الْأَدَب يظنون أَنه مخترع هَذَا الْمَعْنى وَلم يعلمُوا أَنه اختلسه من قَول السرى الرفاء فِي وصف جواد
(لَا يسْتَقرّ كَانَ أَرْبَعه ... فرش الثرى من تحتهَا جَمْرَة)
وأشعاره وأخباره كَثِيرَة وَكَانَ يُسَمِّي نَفسه كلب عَليّ ويروي لَهُ فِي هَذَا المعرض بَيت هُوَ قَوْله
(فتية الْكَهْف نجا كلبهم ... كَيفَ لَا ينجو غَدا كلب عَليّ)
وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ أديب بِحقِّهِ وَكَانَت وَفَاته فِي سنة ثَلَاث وَخمسين وَألف بِالْبَصْرَةِ

الصفحة 432