كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (اسم الجزء: 2)

بَاب الشاغور رَحمَه الله
عبد الْغَنِيّ بن صَلَاح الدّين الْمَعْرُوف بالخاني الْحَنْبَلِيّ الْحَنَفِيّ الأديب الأريب نزيل الْمَدِينَة المنورة كَانَ فَاضلا أديبا جميل المنظر وافر الْحُرْمَة ولد بحلب وَقَرَأَ بهَا واشتغل ورحل لكثير من الْبلدَانِ للتِّجَارَة فَدخل الشَّام ومصر وَالروم واليمن وَالْعراق وتكرر دُخُوله للحرمين لِلْحَجِّ ثمَّ ترك الْأَسْفَار واشتغل على أَخِيه ومربيه الشَّيْخ قَاسم الخاني بحلب وَبِه تخرج وَقَرَأَ عَلَيْهِ كثيرا من مؤلفاته وَاتفقَ لَهُ أَنه أمره بمطالعة بعض رسائله ألف مرّة فامتثل أمره ثمَّ جاور بالحرمين مُدَّة مديدة إِلَى أَن توطن طيبَة الطّيبَة وَأقَام فِيهَا وأكب على تَحْصِيل الْعلم وانهمك ولازم شيخ الْعَصْر إِبْرَاهِيم الْكرْدِي الكوراني وَأخذ عَنهُ الطَّرِيق ولحظه باكسير نظره حَتَّى ألف الرسائل اللطيفة وَتَوَلَّى بِالْمَدِينَةِ المناصب الْعلية واشتهر أمره وَكَانَ ينظم الشّعْر وَله ترسلات رائقة وَقد تلقيت خَبره من صاحبنا الْفَاضِل مصطفى بن فتح الله فَأثْنى عَلَيْهِ كثيرا وَذكر لي أَن بَينه وَبَينه مراسلات كَثِيرَة لَكِنَّهَا فقدت مِنْهُ وَالْحَاصِل أَنه أديب فَاضل وَكَانَت وِلَادَته فِي سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَألف وَتُوفِّي بِالْمَدِينَةِ فِي ثَانِي عشر صفر سنة خمس وَتِسْعين وَألف وَدفن بِالبَقِيعِ
عبد الْغَنِيّ بن مُحَمَّد بن مَنْصُور بن مُحَمَّد بن خَلِيل العنبوسي الدِّمَشْقِي الْفَاضِل الْفَقِيه الْمُتَكَلّم الْحَنَفِيّ الْمَذْهَب أَخذ بِدِمَشْق عَن الشَّيْخ مُحَمَّد الْحِجَازِي وَولده عبد الْحق وَالْقَاضِي أكمل بن مُفْلِح وَأخذ الْفِقْه عَن الشَّيْخ يحيى بن مُحَمَّد البهنسي الْخَطِيب والقراآت عَن الْعَلَاء الطرابلسي ثمَّ لزم الْعَلامَة فضل الله بن عِيسَى البوسنوي نزيل دمشق وانتفع بِهِ فِي كثير من الْفُنُون وَأخذ التصوف وَالْكَلَام عَن الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه مُحَمَّد الأتراوي المغربي نزيل دمشق الْآتِي ذكره وبرع فِي الْفُنُون خُصُوصا الْكَلَام فَإِنَّهُ كَانَ ماهرا فِيهِ وَأَخذه عَنهُ جمَاعَة وَتَوَلَّى الْكِتَابَة بالمحكمة العونية مُدَّة وَكَانَ أَبوهُ بهَا قَاضِيا شافعيا ثمَّ فرغ عَن الْكِتَابَة وَصَارَ خَطِيبًا بِجَامِع يلبغا ومتوليا على أوقافه وَحج فِي سنة تسع وَخمسين وَكَانَ يعرف اللِّسَان التركي وَكَانَ لَهُ معرفَة تَامَّة بأحوال النَّاس وَكَانَت وِلَادَته فِي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة وَتُوفِّي نَهَار الثُّلَاثَاء عشرى جُمَادَى الْآخِرَة سنة سبع وَسِتِّينَ وَألف وَدفن بمقبرة بَاب الصَّغِير بِالْقربِ من قبر أَوْس بن أَوْس والعنبوسي بِفَتْح الْبَاب الْمُهْملَة وَالنُّون من غير تَشْدِيد ثمَّ بعْدهَا مُوَحدَة وواو وسين مُهْملَة نِسْبَة إِلَى قَرْيَة من قرى نابلس خرج مِنْهَا

الصفحة 434