كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (اسم الجزء: 2)

وَثَمَانِينَ تقاعد بوظيفة أَمْثَاله ثمَّ فِي ذِي الْحجَّة سنة إِحْدَى وَتِسْعين ضمت إِلَيْهِ دَار الحَدِيث وَفِي جُمَادَى الأولى سنة خمس وَتِسْعين صَار مفتياً وَكَانَ صَدرا جَلِيلًا صَاحب قدر عَال جبلا شامخاً من الْفضل وَالتَّقوى مَعْرُوفا بالنباهة مَوْصُوفا بالنزاهة شيخ فن الْفضل وَالْأَدب وَجُمْلَة ملك الْحسب وَالنّسب ثمَّ عزل عَن الْفَتْوَى فِي سنة سبع وَتِسْعين وتقاعد بِخَمْسِينَ عثمانياً وَاسْتمرّ مشتغلاً بِعبَادة الله وتقواه حَتَّى توفّي وَكَانَت وَفَاته فِي أَوَاخِر شَوَّال سنة اثْنَتَيْنِ بعد الْألف وَدفن بِجنب وَالِده فِي جوَار أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ
عبد الْقَادِر بن حسن المنعوت محيى الدّين بن بدر الدّين الْبكْرِيّ الصديقي الدِّمَشْقِي الشَّافِعِي الإِمَام الْفَقِيه الزَّاهِد العابد الْوَرع كَانَ من اجلاء الْعلمَاء الْكِبَار أَصْحَاب الدّيانَة والصلف وَله الْفضل الباهر والمشاركة التَّامَّة فِي فنون كَثِيرَة أجلهَا الْفِقْه والعربية وَكَانَ مُنْقَطِعًا عَن النَّاس قَلِيل الِاخْتِلَاط بهم ملازماً للاشتغال وَالْعِبَادَة مَوْصُوفا بِحسن الْأَخْلَاق وجلالة الْمِقْدَار وَهُوَ من بَيت عريق مجمع على صِحَة انتسابه للأسرة الصديقية وَلَا يشك فِي نسبهم إِلَّا جَاهِل أَو معاند وناهيك بِنِسْبَة لم يبْق من عُلَمَاء دمشق الْكِبَار الْمَشْهُورين فِي هَذِه لمِائَة وَالَّتِي قبلهَا أحد إِلَّا وَشهد بحقيتها وَمِنْهُم أمس النَّاس بِهَذِهِ النِّسْبَة السادات البكرية بِمصْر ولهذه النِّسْبَة الْعَظِيمَة كَانَ صَاحب التَّرْجَمَة مُعظما مُحْتَرما وانضاف إِلَيْهِ الْفضل التَّام فَزَاد احترامه وَقد قَرَأت بِخَط الأديب عبد الْكَرِيم الكريمي الطاراني الدِّمَشْقِي قَالَ سَأَلت عَنهُ صاحبنا الإِمَام الْعَلامَة زين الدّين عمر بن مُحَمَّد الْقَارِي الشَّافِعِي فَقَالَ كَانَ ماهراً فِي عُلُوم شَتَّى مِنْهَا الْفَرَائِض والحساب وَالْكَلَام وَالْعرُوض وَأما الْفِقْه والعربية فَكَانَ فيهمَا الْغَايَة القصوى لَا أرى لَهُ ضريباً فِي الْفُنُون الْمَذْكُورَة فَإِنَّهُ تلقاها عَن مَشَايِخ عِظَام ودأب فِي تَحْصِيل الْكَمَال وَذكره النَّجْم فِي الذيل وَقَالَ فِي تَرْجَمته حضر دروس شيخ الْإِسْلَام وَالِدي وَقَرَأَ على أخي الشهَاب شرح الْمحلى مصاحباً لرفيقه التَّاج الفرعوني مَعَ مطالعة حَاشِيَة الْوَالِد الصُّغْرَى عَلَيْهِ وَمَعَ إمْسَاك الشهَاب شرح وَالِده الصَّغِير على الْمِنْهَاج ولازمه فِي غير ذَلِك ولازم النُّور النَّسَفِيّ الْمصْرِيّ نزيل دمشق وَلَعَلَّه أول من قَرَأَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ تزوج بِأم الشَّيْخ محيى الدّين وَسكن عِنْدهم بمحلة بَاب توما وَقَرَأَ أَيْضا على الشَّيْخ اسماعيل النابلسي مرافقاً للشَّيْخ عمر الْقَارِي واصطحبا مُدَّة ثمَّ تقاطعا وَكَانَت وَفَاة صَاحب التَّرْجَمَة

الصفحة 439