كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (اسم الجزء: 2)

فِي الثُّلُث الْأَخير من لَيْلَة الْأَحَد لليلتين بَقِيَتَا من صفر سنة ثَلَاث بعد الْألف وَدفن بمقبرة الشَّيْخ أرسلان رَحمَه الله تَعَالَى
عبد الْقَادِر بن شيخ عبد الله بن شيخ بن عبد الله العيدروس الملقب محيي الدّين الشَّيْخ الإِمَام أَبُو بكر اليمني الحضرموتي الْهِنْدِيّ أحد أكَابِر عُلَمَاء الحضارمة ذكره الشلي فِي تَارِيخه وَقَالَ فِي تَرْجَمته قد ترْجم نَفسه هُوَ فِي تَارِيخه النُّور السافر عَن أَخْبَار الْقرن الْعَاشِر فَقَالَ ولدت فِي عَشِيَّة يَوْم الْخَمِيس لعشرين خلت من شهر ربيع الأول سنة ثَمَان وَسبعين وَتِسْعمِائَة بِمَدِينَة أَحْمد أباد من بِلَاد الْهِنْد وَكَانَ وَالِدي رأى فِي الْمَنَام قبل ولادتي بِنَحْوِ نصف شهر جمَاعَة من أَوْلِيَاء الله تَعَالَى مِنْهُم الشَّيْخ عبد الْقَادِر الكيلاني وَالشَّيْخ أَبُو بكر العيدروس وَكَانَ الشَّيْخ عبد الْقَادِر يُرِيد حَاجَة من الْوَالِد فَذَلِك هُوَ الَّذِي حمله على تسميتي بِهَذَا الِاسْم وَكَنَّانِي أَيْضا أَبَا بكر ولقبني محيي الدّين وتقرر عِنْده أَنه سَيكون لي شَأْن وَكَانَ قل أَن يسلم لَهُ ولد بِأَرْض الْهِنْد فَمَا عَاشَ لَهُ مِنْهُم غَيْرِي وَكَانَ يحبني جدا وَقَالَ لي مرّة إِذا وَقع زَمَانك افْعَل مَا شِئْت وَحكى بعض الثِّقَات قَالَ جَاءَ بعض الوزراء الْكِبَار إِلَى والدك يطْلب مِنْهُ الدُّعَاء فِي أَمر من الْأُمُور وَكنت إِذْ ذَاك صَغِيرا جدا وَكنت جَالِسا بَين يَدَيْهِ فَقَرَأت فِي الْحَال هَذِه الْآيَة {وَأُخْرَى تحبونها نصر من الله وَفتح قريب} فَقَالَ الشَّيْخ يكفيكم هَذَا الْمقَال هَذَا مثل الْوَحْي قَالَ ثمَّ قضيت تِلْكَ الْحَاجة وَكَانَت أُمِّي أم ولد هندية وهبتها بعض النِّسَاء من بَيت الْملك الْمَشْهُورَة بالصدقات لأبي وأعطتها جَمِيع مَا تحْتَاج إِلَيْهِ من أثاث وأخدمتها جملَة من الْجَوَارِي وَكَانَت تنظرها مثل ابْنَتهَا وتزورها فِي الشَّهْر مَرَّات وَكَانَت هِيَ إِذْ ذَاك بكرا وَلم تَلد لَهُ من الْأَوْلَاد غَيْرِي وَكَانَت من الصَّالِحَات وقرأت الْقُرْآن حَتَّى ختمته على يَد بعض أَوْلِيَاء الله فِي حَيَاة الْوَالِد ثمَّ اشتغلت بالتحصيل وقرأت عدَّة متون على جمَاعَة من الْعلمَاء وتصديت لنشر الْعلم وشاركت فِي كثير من الْفُنُون وتفرغت لتَحْصِيل الْعُلُوم النافعة وأعملت الهمة فِي اقتناء الْكتب المفيدة وبالغت فِي طلبَهَا من أقطار الْبِلَاد مَعَ مَا صَار إليّ من كتب الْوَالِد فَاجْتمع عِنْدِي جملَة وَلما بَلغنِي أَن سَيِّدي الشَّيْخ عبد الله العيدروس قَالَ من حصل كتاب إحْيَاء عُلُوم الدّين وَجعله فِي أَرْبَعِينَ جلدا ضمنت لَهُ على الله بِالْجنَّةِ فحصلته كَذَلِك بِهَذِهِ النِّيَّة ووفقت لاستماع الْأَحَادِيث وإشغال الْأَوْقَات بهَا وطالعت كثيرا من الْكتب ووقفت على أَشْيَاء غَرِيبَة مَعَ مَا تلقيته عَن الْمَشَايِخ

الصفحة 440