كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (اسم الجزء: 2)

فِي أَنْوَاع الْعُلُوم وَكَانَ ملازما على الْإِفْتَاء والتدريس بِجَامِع الْأَزْهَر وَله تصانيف مِنْهَا شرح على الْكَنْز فِي الْفِقْه وتكملة الْبَحْر الرَّائِق وَله كتاب فِي الْأَدَب جمعه من نظمه ونثره سَمَّاهُ الفواكة الطورية وَفِي هَذِه التَّسْمِيَة لطف لِأَن بلدته الطّور أَكثر تِلْكَ الدائرة فَاكِهَة ويعجبني مَا كتبه إِلَيْهِ بعض الأدباء فِي طلب كِتَابه هَذَا وَكَانَ وعده بإرساله إِلَيْهِ وَذَلِكَ
(يَا إِمَامًا لقد حوى دررا ... بِكُل نظم وكل منثور)

(غرست بِالْفَضْلِ رَوْضَة بسقت ... ثمارها من طلائع النُّور)

(يشتاق طرفِي لِأَن يشاهدها ... فَتلك عِنْدِي أجل مَنْظُور)

(وفؤادي العليل من قدم ... يتَمَنَّى فواكه الطّور)
وَذكره الشهَاب فِي الخبايا فَقَالَ فِي تَرْجَمته وَالطور وَكتاب مسطور لَهو صديق لي تجربه الْمَوَدَّة حلل الحبور روض مجد ناضر وبحر أدب وافر لَكِن طبعه أم الضقر مقلات نزور وَلم يورق حَتَّى احْتضرَ وَمضى بِأَمْر عَزِيز مقتدر ثمَّ أنْشد لَهُ قَوْله
(تنور منيتي بلطيف صنع ... مَعَاني حسنه أضحت غزيرة)

(لَهُ قد رَشِيق ثمَّ جسم ... عَلَيْهِ حِين لَاحَ رَأَيْت نوره)
ثمَّ تعقبه بِمَا فِي تَحْرِير التحريف للصفدي يَقُولُونَ تنور الرحل من النورة وَالصَّوَاب اتنور واتنار وَلَا يُقَال تنور إِلَّا إِذا أبْصر الْمنَار ثمَّ قَالَ وَمَا مَنعه صرح بِهِ غَيره من أهل اللُّغَة لَكِن الْمَشْهُور هَذَا قلت وَيشْهد للْأولِ مَا فِي حماسة الطَّائِي قَالَ أَعْرَابِي لابْنَيْهِ وَقد دخلا الْحمام فأحرقتهما النورة
(نهيتهما عَن نورة أحرقتهما ... وحمام سوء مَاؤُهُ يتسعر)

(أجدكما لم تعلما أَن جارنا ... أَبَا الحسل فِي الصَّحرَاء لَا يتنور)
على أَن تنور فِي كَلَام الطوري لَا يتَعَيَّن حمله على تعَاطِي النورة لاحْتِمَال جعل لَهُ نورا وَقَول الشهَاب فِي حَقه لَكِن طبعه أم الصقور إِلَى أَخّرهُ إِشَارَة إِلَى أَنه كَانَ قَلِيل الإفادة والْآثَار وَهُوَ حل لقَوْل النفيه الحماسي
(يغاث لطير أَكْثَرهَا فراخا ... وَأم الصَّقْر مقلات نزور)
والمقلات بِالْفَتْح نَاقَة تضع وَاحِدًا ثمَّ لَا تحمل والنزور النَّاقة مَاتَ وَلَدهَا وتروم ولدا لَهَا وَقَوله وَيشْهد للْأولِ إِلَى آخِره هَذِه عبارَة الطَّائِي وَقَالَ الشريشي فِي شرح المقامات روى أَن عبيد بن قرط الْأَسدي دخل مَعَ صاحبين لَهُ بَلَدا فِيهِ حمام فَأحب

الصفحة 443