كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (اسم الجزء: 2)

(قَالُوا قضى قطب الورى نحبه ... وَذَاكَ عبد الْقَادِر المرتضى)

(فَهَل قضى الله لَهُ بِالرِّضَا ... فَقلت فِي تَارِيخه قد قضى)

عبد الْقَادِر بن مُحَمَّد بن أَحْمد بن زين الفيومي الْمصْرِيّ الشَّافِعِي الإِمَام الْكَبِير الْمَعْرُوف وَهُوَ وَالِد عبد الْبر صَاحب المنتزه الْمُقدم ذكره لزم الشَّمْس الرَّمْلِيّ مُدَّة سِنِين وتفقه بِهِ وَأخذ عَن الشهَاب أَحْمد بن أَحْمد بن عبد الْحق السنباطي وَعَن شيخ الْقُرَّاء الشَّيْخ شحاذة اليمني وَأبي النجا سَالم السنهوري وَالشَّمْس مُحَمَّد البنوفري وَالشَّيْخ صَالح البُلْقِينِيّ وَمن مشايخه أَيْضا النُّور الزيَادي وتلقى الرياضيات عَن السَّيِّد الشريف الطَّحَّان وفَاق فِي الْفُنُون فَجمع بَين الْمَعْقُول وَالْمَنْقُول وَكَانَ فَقِيها مُحدثا فرضياً صوفياً وَيعرف الْحساب والهيئة والميقات والموسيقى وَغَيرهَا وتصدّر للإفتاء والتدريس وانتفع بِهِ كثير من الطّلبَة واشتهر فَضله والف تآليف كَثِيرَة مِنْهَا شَرحه الْكَبِير لمنهاج النَّوَوِيّ جمع فِيهِ بَين شرحي شَيْخه الرَّمْلِيّ وشرحي الْخَطِيب وَابْن حجر وَهُوَ عُمْدَة فِي مَذْهَبهم وَله شرح عَلَيْهِ مُخْتَصر من هَذَا سَمَّاهُ الرَّوْض الْمُهَذّب فِي تَحْرِير مَا لخصته من فروع الْمَذْهَب وَكتب على شرح الْمنْهَج وَشرح الْبَهْجَة وَشرح النزهة فِي الْحساب وَمتْن اللمع وَشرح متن الْمقنع فِي الْجَبْر والمقابلة وَشرح الْمَنْظُومَة الشهيرة بالرحبية فِي الْفَرَائِض وَله نظم يتَعَلَّق بالتصوف والعقائد وَمن شعره مَا رثى بِهِ شَيْخه الشمسي الرَّمْلِيّ الْمَذْكُور
(واحر قلبِي على حبر قضى وَمضى ... لَو كَانَ يفدى فدته الْعين بالبصر)

(فالعين تَدْمَع وَالْقلب الحزين غَدا ... بجمرة أوقدت باللهب والشرر)

(لفقد شمس لدين الله سيدنَا ... وَمن هدى النَّاس من بَدو وَمن حضر)

(مُحَمَّد الْعَالم المفضال من سطعت ... بِهِ الْفَضَائِل فِي العلياء كَالْقَمَرِ)
وَكَانَ لَهُ رُتْبَة علية بَين الْأَوْلِيَاء وَكَانَ يصدر عَنهُ كرامات وأحوال باهرة مِنْهَا أَنه مرض لَهُ ولد فزار الإِمَام الشَّافِعِي فَاجْتمع بزين العابدين الْمَنَاوِيّ فَقَالَ لَهُ مصلحتك عِنْد ذَاك الرجل وَأَشَارَ بِهِ إِلَى رجل جَالس فِي طاق من بَيت فَذهب إِلَيْهِ فَوَجَدَهُ بعض أَصْحَابه من الْعلمَاء فَذكر لَهُ فَدَعَا لوَلَده فَعُوفِيَ وَمِنْهَا أَنه رأى منا مَا عِيسَى بن مَرْيَم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي طَرِيق مطهرة الْجَامِع الْأَزْهَر فَسَأَلَهُ الدُّعَاء فَقَالَ لَهُ بَقِي من عمرك ثَلَاثَة أَيَّام فَذهب إِلَى الْعَارِف بِاللَّه تَعَالَى مُحَمَّد البنوفري فَقص عَلَيْهِ الْمَنَام فَقَالَ لَهُ من عمرك الَّذِي مَعَ الْمَشَقَّة والكدر فَكَانَ كَذَلِك فَعَاشَ بعد

الصفحة 456