كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (اسم الجزء: 2)

ينْتَقل بِمَكَّة فِي ثَلَاثَة بيُوت الطبريين والظهيريين والنويريين وَبَيت الطَّبَرِيّ أقدمهم فِي ذَلِك كَمَا يعلم من كتب التواريخ الْقَدِيمَة وَمن خطباء الطبيين الْمُحب الطَّبَرِيّ والبهاء الطَّبَرِيّ ثمَّ إِنَّه فِي حُدُود الثَّلَاثِينَ وَألف جدد خطيب مالكي ثمَّ حنبلي ثمَّ آخر حنبلي فِي عَام ثَلَاث وَأَرْبَعين وَكَانَ منصب الخطابة مَحْفُوظًا عَن أَحْدَاث النَّاس فَلَا يقلده إِلَّا الْعَظِيم علما أَو نسبا وَاتفقَ فِي عَام إِحْدَى وَأَرْبَعين أَن بَاشر الخطابة الشَّيْخ مُحَمَّد المنوفي فورد أَمر من وَزِير مصر مُخَاطبا بِهِ صَاحب مَكَّة وقاضيها وَشَيخ حرمهَا بِمَنْعه من ذَلِك فَلَمَّا جَاءَت نوبَته امْتنع قَاضِي مَكَّة إِذْ ذَاك شكر الله أَفَنْدِي من الصَّلَاة خَلفه فَأرْسل إِلَى الشريف زيد وَكَانَ بمصلاه بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام وَقد صعد الْمِنْبَر وخطب فَأرْسل إِلَيْهِ الشريف وَمنعه من الصَّلَاة وَأَشَارَ إِلَى غَيره فصلى بِالنَّاسِ ثمَّ الخطباء فِي زَمَاننَا بغاية الْكَثْرَة بِحَيْثُ أَنه لم يصل الْوَاحِد مِنْهُم إِلَى نوبَته إِلَّا بعد مُضِيّ سنة ولنبي الطَّبَرِيّ مزِيد التَّقْوَى والورع وَالصَّلَاح وَتُوفِّي أَسبَاب الْخَيْر والفلاح وَزِيَادَة الألفة بَينهم وَبَين وُلَاة مَكَّة المشرفة والتراسل بَينهم بالأشعار الْحَسَنَة اللطيفة مِمَّا هُوَ مَذْكُور فِي التواريخ الْمَذْكُورَة وَغَيرهَا حَتَّى أَن تِلْكَ الألفة بَينهم اقْتَضَت المواصلة بالمصاهرة وأكملت مَا هُوَ من أَسبَاب الْمُفَاخَرَة فقد نقل الفاسي أَن زَيْنَب بنت قَاضِي مَكَّة الشهَاب أَحْمد بن قاضيها أَيْضا الْجمال مُحَمَّد الطَّبَرِيّ كَانَت زَوْجَة للشريف عجلَان صَاحب مَكَّة سنة سبعين وَسَبْعمائة ثمَّ اخْتلعت مِنْهُ لتسريه عَلَيْهَا وَمن طالع العقد الثمين علم مَا لَهُم من المناقب وَمَا اشتملوا عَلَيْهِ من المناصب وناهيك بالمقامة الَّتِي أَنْشَأَهَا الْحَافِظ جلال الدّين السُّيُوطِيّ مهنئاً الْمُحب الطَّبَرِيّ الْمُتَأَخر لما عزل أَبَا السعادات وَأَبا البركات ابْني ظهيرة عَن خطة الْقَضَاء وَولي ذَلِك بمفرده مَعَ مَا أضيف إِلَيْهِ من المناصب بسعاية الشريف أبي الْقَاسِم بن حسن بن عجلَان صَاحب مَكَّة وَمن جملَة المقامة
(إِن الْقُضَاة بِمَكَّة لثَلَاثَة ... طبقًا لما قد جَاءَ فِي الْأَخْبَار)

(شيخ الْمقَام وَقد مضى فِي جنَّة ... والقاضيان كِلَاهُمَا فِي النَّار)
وَذكر الْحَافِظ نجم الدّين عمر بن فَهد فِي تَذكرته الْمُسَمَّاة نور الْعُيُون بِمَا تفرق من الْفُنُون قَالَ لما كنت بِالْقَاهِرَةِ المحروسة سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة ورد إِلَيْهَا القَاضِي أَبُو البركات بن عَليّ بن ظهيرة ساعياً لِأَخِيهِ أبي السعادات فِي عوده لمنصبه قَضَاء الشَّافِعِيَّة وصحبة سؤالان مَعْنَاهُمَا أَن رجلَيْنِ من طلبة الْعلم الشريف بهَا

الصفحة 462