كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (اسم الجزء: 2)

السَّيِّد عبد الْقَادِر القيصري نقيب الْأَشْرَاف بالممالك العثمانية من بَيت مَعْرُوف بِصِحَّة النّسَب فِي مَدِينَة قيصرية دخل دَار السلطنة فِي ابْتِدَاء أمره وجدّ واشتغل ثمَّ لَازم من الْمولى بهاء الدّين زَاده وسلك طَرِيق الْقَضَاء فولي قَضَاء بلدته قيصرية وَمَا انْعَزل عَنْهَا بقريب حَتَّى طلب من طرف السلطنة وَأعْطى نقابة الْأَشْرَاف بالممالك وَكَانَ النَّقِيب إِذْ ذَاك السَّيِّد يحيى قد مَاتَ وَكَانَ ذَلِك فِي شهر ربيع الآخر سنة ثَمَان بعد الْألف فاستمر نَقِيبًا إِلَى أَن مَاتَ وَكَانَ فَاضلا أديباً شَاعِرًا ومخلصه على قاعدتهم قدري ذكره ابْن نَوْعي فِي ذيله وَقَالَ كَانَت وَفَاته فِي جُمَادَى الأولى سنة ثَلَاث عشرَة وَألف وَولي النقابة بعده السَّيِّد ياوز الْمَعْرُوف بياوز أَمِير
عبد الْقَادِر قَاضِي الْعَسْكَر الشهير بقدري وَهُوَ صَاحب الْفَتَاوَى الْمَشْهُورَة بفتاويه قدري وَيُطلق عَلَيْهَا لفظ الْمَجْمُوعَة وَهِي الْآن عُمْدَة الْحُكَّام فِي أحكامهم والمفتين فِي فتاويهم وَبِالْجُمْلَةِ فَإِنَّهَا مَجْمُوعَة نفيسة أَكثر مسائلها وقائع وَكَانَت تقع أَيَّام الْمُفْتِي يحيى بن زَكَرِيَّا وَكَانَ هُوَ فِي خدمَة الْمُفْتِي الْمشَار إِلَيْهِ موزع الْفَتْوَى وموزع الْفَتْوَى عِنْدهم عبارَة عَن رجل يجمع الْفَتَاوَى الَّتِي كتبت أجوبتها ويدعها إِلَى يَوْم الثُّلَاثَاء من كل أُسْبُوع فَهَذَا يَوْم التَّوْزِيع فيقف فِي مَكَان من دَار الْمُفْتِي الْمعِين وينادي بأسماء أَصْحَاب الْفَتَاوَى وأسماؤهم مَكْتُوبَة على ظهر قرطاس الْفَتْوَى فَهَذِهِ خدمَة الموزع وَأمين الْفَتْوَى هُوَ الَّذِي يُرَاجع الْمسَائِل من محالها وَينزل عَلَيْهَا الوقائع وَاسْتمرّ عِنْد ابْن زَكَرِيَّا بِهَذِهِ الْخدمَة زَمَانا طَويلا وَكَانَ من ذَلِك الْعَهْد مَوْصُوفا بالتقى والإقبال على أَمر الْآخِرَة وَفِيه صَلَاح وإنابة وَمن هُنَا يحْكى أَن الْمُفْتِي الْمَذْكُور كَانَ أعرف أهل زَمَانه وَاجْتمعَ عِنْده من الحفدة أَرْبَاب الْمعرفَة مَا لم يجْتَمع عِنْد غَيره فَكَانَ إِذا أَرَادَ الْمُفَاوضَة مَعَ أحد فِي أَمر الدُّنْيَا والدولة وأحوال النَّاس قدم الْمولى مُحَمَّد بن عبد الْحَلِيم البورسوي الَّذِي صَار آخرا مفتياً الْآتِي ذكره وَكَانَ عِنْده أَمِين الْفَتْوَى وَأقرب المقربين فيتفاوض مَعَه فِي هَذِه الْأُمُور لكَمَال فطنته ودربته ومعرفته بأحوال النَّاس وَإِذا أَرَادَ المذاكرة فِي مشكلات الْفِقْه والمسائل اخْتَار الْمولى أوزون حسن أَي الطَّوِيل وَكَانَ من خواصه وَإِذا أَرَادَ المباحثة فِي أَنْوَاع الْفُنُون الْعَقْلِيَّة رجح الْمولى مصطفى البولوي الَّذِي صَار آخرا مفتياً وَكَانَ من حَوَاشِيه وَإِذا أَرَادَ المناقشة فِي الْأَدَب وَالشعر ميز الْمولى مُحَمَّد بن فضل الله الشهير بعصمتي الَّذِي صَار آخرا قَاضِي العساكر وَكَانَ من ندمائه وَإِذا أَرَادَ المفاكرة

الصفحة 473