كتاب أحكام المساجد في الشريعة الإسلامية

[المسألة الثانية حكمة التشريع في منع اتخاذ القبور مساجد]
المسألة الثانية: حكمة التشريع في منع اتخاذ القبور مساجد: ربما تبادر إلى الذهن أن علة النهي هي مخالفة المشركين، كما هو ظاهر من بعض النصوص المتقدمة، ونص الشافعي - رحمه الله تعالى - بأن النجاسة علة من علل الحكم " لكون المقبرة اختلطت بلحم وعظام الأموات، فصارت نجسة (¬1) .
والحق أن مخالفة المشركين في هذا واردة، لكون عملهم هذا ذريعة موصلة إلى الشرك. قال في المغني: " وقد روينا أن ابتداء عبادة الأصنام تعظيم الأموات؛ باتخاذ صورهم، ومسحها، والصلاة عندها، وكذلك فعل الناس بقبور الصالحين ". ا. هـ مختصرا (¬2) .
وقال الشافعي: " أكره أن يعظم مخلوق حتى يجعل قبره مسجدا مخافة الفتنة عليه وعلى من بعده من الناس " (¬3) .
وقال النووي: " إنما نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن اتخاذ قبره وقبر غيره مسجدا خوفا من المبالغة في تعظيمه والافتتان به، فربما أدى ذلك إلى الكفر، كما جرى لكثير من الأمم الخالية " (¬4) .
وقد نص على ما ذكره هؤلاء العلماء - رحمهم الله تعالى - ابن تيمية، وابن القيم، وصاحب الدعوة السنية في نجد محمد بن عبد الوهاب، وغيرهم رحمهم الله تعالى (¬5) .
¬_________
(¬1) الأم للشافعي (1 / 92) .
(¬2) المغني لابن قدامة (2 / 508) .
(¬3) المجموع للنووي (5 / 269) ، وانظر: الأم (1 / 92ـ 93) .
(¬4) شرح النووي على صحيح مسلم (2 / 162) .
(¬5) انظر: الفتاوى لابن تيمية (27 / 502) ، وإغاثة اللهفان لابن القيم (1 / 362) ، وتيسير العزيز الحميد بشرح كتاب التوحيد لسليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب (ص704) .

الصفحة 34