كتاب الاختيار لتعليل المختار (اسم الجزء: 2)

وَلَا يُزَوِّجُ مَمَالِيكَهُ (س) ، وَلَا يُكَاتِبُ، وَلَا يَعْتِقُ، وَلَا يُقْرِضُ، وَلَا يَهَبُ، وَلَا يَتَصَدَّقُ، وَلَا يَتَكَفَّلُ، وَيُهْدِي الْقَلِيلَ مِنَ الطَّعَامِ، وَيُضِيفُ مُعَامِلِيهِ وَيَأْذَنُ لِرَقِيقِهِ فِي التِّجَارَةِ، وَمَا يَلْزَمُهُ مِنَ الدُّيُونِ بِسَبَبِ الْإِذْنِ مُتَعَلِّقٌ بِرَقَبَتِهِ يُبَاعُ فِيهِ إِلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ الْمَوْلَى، فَإِنْ لَمْ يَفِ بِالدُّيُونِ، فَإِنْ فَدَاهُ الْمَوْلَى بِدُيُونِ الْغُرَمَاءِ انْقَطَعَ حَقُّهُمْ عَنْهُ، وَإِلَّا يُبَاعُ وَيُقْسَمُ ثَمَنُهُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ بِالْحِصَصِ، فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ طُولِبَ بِهِ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ، وَإِنْ حَجَرَ الْمَوْلَى عَلَيْهِ لَمْ يَنْحَجِرْ حَتَّى يَعْلَمَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (وَلَا يُزَوِّجُ مَمَالِيكَهُ) وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُزَوِّجُ الْأَمَةَ لِأَنَّهُ نَوْعُ تِجَارَةٍ، وَهُوَ وُجُوبُ نَفَقَتِهَا عَلَى غَيْرِهِ، بِخِلَافِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةَ زَوْجَتِهِ. وَلَهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ تِجَارَةً؛ وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُهُ فِي الْعَبْدِ، وَنَفَقَتُهَا لَيْسَتْ بِتِجَارَةٍ؛ وَلِأَنَّ الزَّوَاجَ عَيْبٌ فِي الْأَمَةِ.
(وَلَا يُكَاتِبُ) لِأَنَّهُ إِطْلَاقٌ وَلَيْسَ بِتِجَارَةٍ.
(وَلَا يُعْتِقُ) بِمَالٍ وَلَا بِغَيْرِ مَالٍ.
(وَلَا يُقْرِضُ وَلَا يَهَبُ) بِعِوَضٍ وَلَا بِغَيْرِ عِوَضٍ.
(وَلَا يَتَصَدَّقُ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَبَرُّعٌ ابْتِدَاءً، أَوِ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً وَلَيْسَ مِنَ التِّجَارَاتِ.
(وَلَا يَتَكَفَّلُ) بِنَفْسٍ وَلَا بِمَالٍ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ.
قَالَ: (وَيُهْدِي الْقَلِيلَ مِنَ الطَّعَامِ، وَيُضَيِّفُ مُعَامِلِيهِ) لِأَنَّهُ مِنْ صَنِيعِ التُّجَّارِ، وَفِيهِ اسْتِمَالَةُ قُلُوبِ الْمُعَامِلِينَ، وَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَبِلَ هَدِيَّةَ سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ وَكَانَ عَبْدًا. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَتَصَدَّقُ بِالرَّغِيفِ وَنَحْوِهِ، وَلَمْ يُقَدِّرْ مُحَمَّدٌ الضِّيَافَةَ الْيَسِيرَةَ، وَقِيلَ ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ مَالِ التِّجَارَةِ، إِنْ كَانَتْ نَحْوَ عَشَرَةِ آلَافٍ فَالضِّيَافَةُ بِعَشَرَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ تِجَارَتُهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَدَانِقٌ كَثِيرٌ، وَلَهُ أَنْ يَحُطَّ مِنَ الثَّمَنِ بِعَيْبٍ كَعَادَةِ التُّجَّارِ؛ وَلَعَلَّهُ أَصْلَحُ مِنَ الرِّضَا بِالْعَيْبِ، وَلَا يَحُطُّ بِغَيْرِ عَيْبٍ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ.
قَالَ: (وَيَأْذَنُ لِرَقِيقِهِ فِي التِّجَارَةِ) ؛ لِأَنَّهُ نَوْعُ تِجَارَةٍ، وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ التِّجَارَةِ يَصِحُّ إِذْنُهُ لِلْعَبْدِ فِيهَا كَالْمُكَاتَبِ وَالْمَأْذُونِ وَالْمُضَارِبِ وَالْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْقَاضِي وَشَرِيكَيِ الْمُفَاوَضَةِ وَالْعِنَانِ وَالْوَصِيِّ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْأُمِّ وَالْأَخِ وَالْعَمِّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ وِلَايَةُ التِّجَارَةِ.
قَالَ: (وَمَا يَلْزَمُهُ مِنَ الدُّيُونِ بِسَبَبِ الْإِذْنِ مُتَعَلِّقٌ بِرَقَبَتِهِ يُبَاعُ فِيهِ إِلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ الْمَوْلَى) ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى رَضِيَ بِذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِرَقَبَتِهِ كَانَ تَصَرُّفُهُ نَفْعًا مَحْضًا فَلَا حَاجَةَ إِلَى الْإِذْنِ، وَإِنَّمَا شَرَطَ إِذْنَ الْمَوْلَى لِيَصِيرَ رَاضِيًا بِهَذَا الضَّرَرِ؛ وَلِأَنَّ سَبَبَ هَذَا الدَّيْنِ التِّجَارَةُ وَهِيَ بِإِذْنِهِ؛ وَلِأَنَّ تَعَلُّقَ الدَّيْنِ بِرَقَبَتِهِ مِمَّا يَدْعُو إِلَى مُعَامَلَتِهِ وَأَنَّهُ يُصْلِحُ مَقْصُودًا لِلْمَوْلَى فَيَنْعَدِمُ الضَّرَرُ فِي حَقِّهِ إِلَّا أَنَّهُ يَبْدَأُ بِكَسْبِهِ لِأَنَّهُ أَهْوَنُ.
(فَإِنْ لَمْ يَفِ بِالدُّيُونِ، فَإِنْ فَدَاهُ الْمَوْلَى بِدُيُونِ الْغُرَمَاءِ انْقَطَعَ حَقُّهُمْ عَنْهُ، وَإِلَّا يُبَاعُ وَيُقْسَمُ ثَمَنُهُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ بِالْحِصَصِ) لِتَعَلُّقِ حَقِّهِمْ بِهِ كَتَعَلُّقِهَا بِالتَّرِكَةِ.
(فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ طُولِبَ بِهِ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ) لِأَنَّ الدَّيْنَ ثَبَتَ عَلَيْهِ وَلَمْ تَفِ بِهِ الرَّقَبَةُ، فَيَبْقَى عَلَيْهِ إِلَى وَقْتِ الْقُدْرَةِ، وَهُوَ مَا بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ.
قَالَ: (وَإِنْ حَجَرَ الْمَوْلَى عَلَيْهِ لَمْ يَنْحَجِرْ حَتَّى يَعْلَمَ

الصفحة 102