كتاب الاختيار لتعليل المختار (اسم الجزء: 2)
وَإِنْ بَاعَ إِنَاءَ فِضَّةٍ، أَوْ قِطْعَةَ نُقْرَةٍ، فَقَبَضَ بَعْضَ الثَّمَنِ ثُمَ افْتَرَقَا صَارَ شَرِكَةً بَيْنَهُمَا، فَإِنِ اسْتُحِقَّ بَعْضُ الْإِنَاءِ، فَإِنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي أَخَذَ الْبَاقِيَ بِحِصَّتِهِ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ، وَلَوِ اسْتُحِقَّ بَعْضُ الْقِطْعَةِ أَخَذَ الْبَاقِيَ بِحِصَّتِهِ وَلَا خِيَارَ لَهُ وَيَجُوزُ الْبَيْعُ بِالْفُلُوسِ، فَإِنْ كَانَتْ كَاسِدَةً عَيَّنَهَا، وَإِنْ كَانَتْ نَافِقَةً لَمْ يُعَيِّنْهَا، فَإِنْ بَاعَ بِهَا ثُمَّ كَسَدَتْ بَطَلَ الْبَيْعُ (سم) ؛ وَمَنْ أَعْطَى صَيْرَفِيًّا دِرْهَمًا وَقَالَ: أَعْطِنِي بِهِ فُلُوسًا وَنِصْفًا إِلَّا حَبَّةً جَازَ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَوِ اشْتَرَاهُ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا وَالْحِلْيَةُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَقَبَضَ مِنْهَا عَشْرَةً فَهِيَ حِصَّةُ الْحِلْيَةِ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهَا حَمْلًا لِتَصَرُّفِهِ عَلَى الصِّحَّةِ، وَكَذَا إِذَا قَالَ خُذْهَا مِنْ ثَمَنِهِمَا لِأَنَّ قَصْدَهُ الصِّحَّةُ، وَقَدْ يُرَادُ بِالِاثْنَيْنِ أَحَدُهُمَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن: 22] وَكَذَا إِنِ اشْتَرَاهُ بِعِشْرِينَ عَشَرَةٍ نَقْدًا وَعَشَرَةٍ نَسِيئَةً، فَالنَّقْدُ حِصَّةُ الْحِلْيَةِ لِمَا تَقَدَّمَ؛ فَإِنِ افْتَرَقَا لَا عَنْ قَبْضٍ بَطَلَ الْبَيْعُ فِيهِمَا إِنْ كَانَتِ الْحِلْيَةُ لَا تَتَخَلَّصُ إِلَّا بِضَرَرٍ كَجِذْعٍ فِي سَقْفٍ، وَإِنْ كَانَتْ تَتَخَلَّصُ جَازَ فِي السَّيْفِ وَبَطَلَ فِي الْحِلْيَةِ كَالطَّوْقِ فِي عُنُقِ الْجَارِيَةِ، وَقِسْ عَلَى هَذَا جَمِيعَ أَمْثَالِهَا.
(وَإِنْ بَاعَ إِنَاءَ فِضَّةٍ أَوْ قِطْعَةَ نُقْرَةٍ فَقَبَضَ بَعْضَ الثَّمَنِ ثُمَّ افْتَرَقَا صَارَ شَرِكَةً بَيْنَهُمَا) فَيَكُونُ لِلْمُشْتَرِي فِيهِ بِقَدْرِ مَا نَقَدَ مِنَ الثَّمَنِ، وَلَا خِيَارَ لَهُ، لِأَنَّ الْعَيْبَ جَاءَ مِنْ قِبَلِهِ حَيْثُ لَمْ يَنْقُدْ جَمِيعَ الثَّمَنِ.
(فَإِنِ اسْتُحِقَّ بَعْضُ الْإِنَاءِ، فَإِنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي أَخَذَ الْبَاقِيَ بِحِصَّتِهِ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ) لِأَنَّ الشَّرِكَةَ عَيْبٌ فِي الْإِنَاءِ.
(وَلَوِ اسْتُحِقَّ بَعْضُ الْقِطْعَةِ أَخَذَ الْبَاقِيَ بِحِصَّتِهِ وَلَا خِيَارَ لَهُ) لِأَنَّ التَّشْقِيصَ لَا يَضُرُّ الْقِطْعَةَ فَلَمْ تَكُنِ الشَّرِكَةُ فِيهِ عَيْبًا.
قَالَ: (وَيَجُوزُ الْبَيْعُ بِالْفُلُوسِ) لِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ.
(فَإِنْ كَانَتْ كَاسِدَةً عَيَّنَهَا) لِأَنَّهَا عُرُوضٌ.
(وَإِنْ كَانَتْ نَافِقَةً لَمْ يُعَيِّنْهَا) لِأَنَّهَا مِنَ الْأَثْمَانِ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (فَإِنْ بَاعَ ثُمَّ كَسَدَتْ بَطَلَ الْبَيْعُ) خِلَافًا لَهُمَا لِأَنَّ الْبَيْعَ صَحَّ فَلَا يَفْسُدُ لِتَعَذُّرِ التَّسْلِيمِ بِالْكَسَادِ، كَمَا إِذَا اشْتَرَى بِشَيْءٍ مِنَ الْفَوَاكِهِ وَانْقَطَعَ فَتَجِبُ قِيمَتُهَا، غَيْرَ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ يُوجِبُهَا يَوْمَ الْبَيْعِ لِأَنَّ الثَّمَنَ مَضْمُونٌ بِهِ، وَمُحَمَّدًا: يَوْمَ الْكَسَادِ لِأَنَّ عِنْدَهُ تَنْتَقِلُ إِلَى الْقِيمَةِ.
وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ ثَمَنِيَّةَ الْفُلُوسِ بِالِاصْطِلَاحِ فَيَهْلَكُ بِالْكَسَادِ فَيَبْقَى الْمَبِيعُ بِلَا ثَمَنٍ فَيَبْطُلُ، فَيُرَدُّ الْمَبِيعُ أَوْ قِيمَتُهُ إِنْ كَانَ هَالِكًا.
قَالَ: (وَمَنْ أَعْطَى صَيْرَفِيًّا دِرْهَمًا، وَقَالَ أَعْطِنِي بِهِ فُلُوْسًا وَنِصْفًا إِلَّا حَبَّةً جَازَ) وَيُصْرَفُ النِّصْفُ إِلَّا حَبَّةً إِلَى مِثْلِهِ مِنَ الدِّرْهَمِ وَالْبَاقِي إِلَى الْفُلُوسِ تَصْحِيحًا لِتَصَرُّفِهِمَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ جِنْسُهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الصفحة 41
175