كتاب الاختيار لتعليل المختار (اسم الجزء: 2)
وَيَجِبُ قَطْعُهَا لِلْحَالِ، وَإِنْ شَرَطَ تَرْكَهَا عَلَى الشَّجَرِ فَسَدَ الْبَيْعُ.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ ثَمَرَةً، وَيَسْتَثْنِي مِنْهَا أَرْطَالًا مَعْلُومَةً وَيَجُوزُ بَيْعُ الْحِنْطَةِ فِي سُنْبُلِهَا، وَالْبَاقِلَاءِ فِي قِشْرِهِ، وَيَجُوزُ بَيْعُ الطَّرِيقِ وَهِبَتُهُ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْمَسِيلِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِهَا لِلْأَكْلِ أَوِ الْعَلْفِ لِأَنَّهُ مَالٌ مُتَقَوَّمٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ؟ أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ مُنْتَفَعًا بِهَا لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ مُتَقَوَّمٍ.
(وَيَجِبُ قَطْعُهَا لِلْحَالِ) لِيَتَفَرَّغَ مِلْكُ الْبَائِعِ.
(وَإِنْ شَرَطَ تَرْكَهَا عَلَى الشَّجَرِ فَسَدَ الْبَيْعُ) لِأَنَّهُ إِعَارَةٌ أَوْ إِجَارَةٌ فِي الْبَيْعِ، فَيَكُونُ صَفْقَتَيْنِ فِي صَفْقَةٍ وَأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَكَذَا الزَّرْعُ فِي الْأَرْضِ؛ وَإِنْ تَرَكَهَا بِأَمْرِهِ بِغَيْرِ شَرْطٍ جَازَ وَطَابَ الْفَضْلُ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ تَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ لِحُصُولِهِ بِأَمْرٍ مَحْظُورٍ؟ وَإِنِ اسْتَأْجَرَ الشَّجَرَ طَابَ لَهُ الْفَضْلُ لِوُجُودِ الْإِذْنِ، وَبَطَلَتِ الْإِجَارَةُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَادٍ؛ وَكَذَا إِذَا اشْتَرَاهَا بَعْدَمَا تَنَاهَى عِظَمُهَا يَجِبُ الْقَطْعُ لِلْحَالِ لِمَا قُلْنَا، فَإِنْ تَرَكَهَا طَابَ الْفَضْلُ وَلَمْ يَتَصَدَّقْ بِشَيْءٍ بِكُلِّ حَالٍ لِأَنَّهُ لَا زِيَادَةَ وَإِنَّمَا هُوَ تَغَيُّرُ وَصْفٍ؛ فَإِنْ شَرَطَ بَقَاءَهَا عَلَى الشَّجَرِ جَازَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ اسْتِحْسَانًا لِلْعُرْفِ، بِخِلَافِ مَا إِذَا لَمْ تَتَنَاهَ فِي الْعِظَمِ لِأَنَّهُ يَزْدَادُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَدِ اشْتَرَطَ الْجُزْءَ الْمَعْدُومَ فَلَا يَجُوزُ؛ فَإِنْ خَرَجَ بَعْضُ الثَّمَرَةِ أَوْ خَرَجَ الْكُلُّ لَكِنَّ بَعْضَهُ مُنْتَفَعٌ بِهِ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْمَوْجُودِ وَالْمَعْدُومِ وَالْمُتَقَوَّمِ وَغَيْرِ الْمُتَقَوَّمِ فَتَبْقَى حِصَّةُ الْمَوْجُودِ مَجْهُولَةً؛ وَكَانَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحُلْوَانِيُّ وَالْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْبُخَارِيُّ يُفْتِيَانِ بِجَوَازِهِ فِي الثِّمَارِ وَالْبَاذِنْجَانِ وَنَحْوِهِمَا، جَعَلَا الْمَعْدُومَ تَبَعًا لِلْمَوْجُودِ لِلتَّعَامُلِ دَفْعًا لِلْحَرَجِ بِالْخُرُوجِ عَنِ الْعَادَةِ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ الْجَوَازُ فِي بَيْعِ الْوَرْدِ لِأَنَّهُ مُتَلَاحِقٌ.
قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ إِذْ لَا ضَرُورَةَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنَّهُ يَشْتَرِي أُصُولَهَا أَوْ يَشْتَرِي الْمَوْجُودَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَيَحِلُّ لَهُ الْبَائِعُ مَا يُحْدِثُ، وَلَوِ اشْتَرَاهَا مُطْلَقًا وَأَثْمَرَ ثَمَرًا آخَرَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَسَدَ الْبَيْعُ لِتَعَذُّرِ التَّمْيِيزِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، وَإِنْ أَثْمَرَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ يَشْتَرِكَانِ، وَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي فِي قَدْرِهِ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ وَهُوَ مُنْكِرٌ.
[شروط صحة البيع]
قَالَ: (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ ثَمَرَةً وَيَسْتَثْنِيَ مِنْهَا أَرْطَالًا مَعْلُومَةً) لِجَهَالَةِ الْبَاقِي، وَقِيلَ: يَجُوزُ لِجَوَازِ بَيْعِهِ ابْتِدَاءً؛ وَالْأَصْلُ أَنَّ مَا جَازَ بَيْعُهُ ابْتِدَاءً يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ كَبَيْعِ صُبْرَةٍ إِلَّا قَفِيزًا، وَقَفِيزٌ مِنْ صُبْرَةِ، بِخِلَافِ الْحَمْلِ وَأَطْرَافِ الْحَيَوَانِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ ابْتِدَاءً.
قَالَ: (وَيَجُوزُ بَيْعُ الْحِنْطَةِ فِي سُنْبُلِهَا وَالْبَاقِلَاءِ فِي قِشْرِهِ) وَكَذَا السِّمْسِمُ وَالْأُرْزُ وَالْجَوْزُ وَاللَّوْزُ لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «نَهَى عَنْ بَيْعِ السُّنْبُلِ حَتَّى يَبْيَضَّ وَيَأْمَنَ الْعَاهَةَ» ، وَلِأَنَّهُ مَالٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَعَلَى الْبَائِعِ تَخْلِيصُهُ بِالدِّيَاسِ وَالتَّذْرِيَةِ، وَكَذَا قُطْنٌ فِي فِرَاشٍ وَعَلَى الْبَائِعِ فَتْقُهُ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهُ. أَمَّا جُذَاذُ الثَّمَرَةِ، وَقَطْعُ الرَّطْبَةِ، وَقَلْعُ الْجُذُورِ وَالْبَصَلِ وَأَمْثَالِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ يَعْمَلُ فِي مِلْكِهِ وَلِلْعُرْفِ.
قَالَ: (وَيَجُوزُ بَيْعُ الطَّرِيقِ وَهِبَتُهُ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْمَسِيلِ) لِأَنَّ الطَّرِيقَ مَوْضِعٌ مِنَ الْأَرْضِ مَعْلُومُ
الصفحة 7
175