كتاب الاختيار لتعليل المختار (اسم الجزء: 2)

وَلَا يُقْبَلُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ كِتَابُ فُلَانٍ الْقَاضِي، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى مَعْلُومٍ، فَإِنْ شَاءَ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَإِلَى كُلِّ مَنْ يَصِلُ إِلَيْهِ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ وَإِلَّا فَلَا، وَيَقْرَأُ الْكِتَابَ عَلَى الشُّهُودِ، وَيُعْلِمُهُمْ بِمَا فِيهِ، وَيَخْتِمُهُ بِحَضْرَتِهِمْ وَيَحْفَظُوا مَا فِيهِ، وَتَكُونُ أَسْمَاؤُهُمْ دَاخِلَ الْكِتَابِ بِالْأَبِ وَالْجَدِّ ; وَأَبُو يُوسُفَ لَمْ يَشْتَرِطْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لَمَّا ابْتُلِيَ بِالْقَضَاءِ وَاخْتَارَهُ السَّرَخْسِيُّ وَلَيْسَ الْخَبَرُ كَالْعِيَانِ، فَإِذَا وَصَلَ إِلَى الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ نَظَرَ فِي خَتْمِهِ، فَإِذَا شَهِدُوا أَنَّهُ كِتَابُ فُلَانٍ الْقَاضِي سَلَّمَهُ إِلَيْنَا فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ، وَقَرَأَهُ عَلَيْنَا وَخَتَمَهُ وَفَتَحَهُ وَقَرَأَهُ عَلَى الْخَصْمِ وَأَلْزَمَهُ مَا فِيهِ وَلَا يَقْبَلُهُ إِلَّا بِحَضْرَةِ الْخَصْمِ،
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَجِنْسَهُ آبِقٌ مِنْهُ وَقَدْ أَخَذَهُ فُلَانٌ.
قَالَ: (وَلَا يُقْبَلُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ كِتَابُ فُلَانٍ الْقَاضِي) لِأَنَّهُ لِلْإِلْزَامِ، وَلَا إِلْزَامَ بِدُونِ الْبَيِّنَةِ، وَلِأَنَّ الْخَطَّ يُشْبِهُ الْخَطَّ، وَالْبَيِّنَةُ تُعِينُهُ، وَيَكْتُبُ اسْمَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَنْسُبُهُمَا إِلَى الْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْفَخِذِ وَالْقَبِيلَةِ، أَوْ إِلَى الصِّنَاعَةِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرِ الْجَدَّ لَمْ يَجُزْ إِلَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَإِنْ كَانَ فِي الْفَخِذِ مِثْلُهُ فِي النَّسَبِ لَمْ يَجُزْ، وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ شَيْءٍ يَخُصُّهُ وَيُعَيِّنُهُ حَتَّى يَزُولَ الِالْتِبَاسُ.
(وَلَا بُدَّ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى مَعْلُومٍ) بِأَنْ يَقُولَ مِنْ فُلَانِ ابْنِ فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ إِلَى فُلَانِ ابْنِ فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ.
(فَإِنْ شَاءَ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِلَى كُلِّ مَنْ يَصِلُ إِلَيْهِ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِلَّا فَلَا) حَتَّى يَصِيرَ الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ مَعْرُوفًا وَالْبَاقِي يَكُونُ تَبَعًا.
(وَيَقْرَأُ الْكِتَابَ عَلَى الشُّهُودِ وَيُعْلِمَهُمْ بِمَا فِيهِ) لِيَعْلَمُوا بِمَا يَشْهَدُونَ.
(وَيَخْتِمَهُ بِحَضْرَتِهِمْ وَيَحْفَظُوا مَا فِيهِ) حَتَّى لَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ كِتَابُ فُلَانٍ الْقَاضِي وَخَتْمُهُ وَلَمْ يَشْهَدُوا بِمَا فِيهِ لَا تُقْبَلُ، لَأَنَّ الْخَتْمَ يُشْبِهُ الْخَتْمَ، فَمَتَى كَانَ فِي يَدِ الْمُدَّعِي يُتَوَهَّمُ التَّبْدِيلُ.
(وَتَكُونُ أَسْمَاؤُهُمْ دَاخِلَ الْكِتَابِ بِالْأَبِ وَالْجَدِّ) لِنَفْيِ الِالْتِبَاسِ.
(وَأَبُو يُوسُفَ لَمْ يَشْتَرِطْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لِمَا ابْتُلِيَ بِالْقَضَاءِ) تَسْهِيلًا عَلَى النَّاسِ.
(وَاخْتَارَهُ السَّرَخْسِيُّ، وَلَيْسَ الْخَبَرُ كَالْعِيَانِ) قَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ: وَلَوْ كَتَبَ مِنْ فُلَانِ ابْنِ فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ إِلَى كُلِّ مَنْ يَصِلُ إِلَيْهِ مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ وَحُكَّامِهِمْ يَنْبَغِي لِكُلِّ مَنْ وَرَدَ الْكِتَابُ عَلَيْهِ مِنَ الْقُضَاةِ أَنْ يَقْبَلَهُ؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ جَائِزٌ لِقَوْمٍ مَجْهُولِينَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَتَبَ إِلَى الْآفَاقِ وَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَلَمْ يُعَرِّفْهُمْ، وَكَذَلِكَ أَمَرَنَا وَنَهَانَا وَكُنَّا مَجْهُولِينَ عِنْدَهُ وَصَحَّ خِطَابُهُ وَلَزِمَنَا وَالْقُضَاةُ الْيَوْمَ عَلَيْهِ ; وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ دَاخِلَ الْكِتَابِ اسْمُ الْقَاضِي الْكَاتِبِ وَالْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ، وَعَلَى الْعُنْوَانِ أَيْضًا، فَلَوْ كَانَ عَلَى الْعُنْوَانِ وَحْدَهُ لَمْ تُقْبَلْ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ مَا لَيْسَ تَحْتَ الْخَتْمِ مُتَوَهَّمُ التَّبْدِيلِ.
قَالَ: (فَإِذَا وَصَلَ إِلَى الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إِلَيْهِ نُظِرَ فِي خَتْمِهِ، فَإِذَا شَهِدُوا أَنَّهُ كِتَابُ فُلَانٍ الْقَاضِي سَلَّمَهُ إِلَيْنَا فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ وَقَرَأَهُ عَلَيْنَا وَخَتَمَهُ وَفَتَحَهُ وَقَرَأَهُ عَلَى الْخَصْمِ وَأَلْزَمَهُ مَا فِيهِ) لِثُبُوتِ الْحَقِّ عَلَيْهِ.
(وَلَا يَقْبَلُهُ إِلَّا بِحَضْرَةِ الْخَصْمِ) لِأَنَّهُ لِلْإِلْزَامِ

الصفحة 92