كتاب توفيق الرحمن في دروس القرآن (اسم الجزء: 2)

قوله: {فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ} ، أي: أعظم من ذلك، يعني: السبعين الذين خرج بهم موسى عليه السلام إلى الجبل، {فَقَالُواْ أَرِنَا اللهِ جَهْرَةً} ، أي: عيانًا، {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ} . {ثُمَّ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ} ، يعني: إلهًا، وثم هنا لترتيب الأخبار لا للتعقيب، لأن اتخاذهم العجل قبل سؤالهم رؤية الله عز وجل.
وقوله تعالى: {مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ} ، أي: المعجزات التسع، وإهلاك فرعون وجنوده، {فَعَفَوْنَا عَن ذَلِكَ} ولم نستأصلهم بالعقوبة، {وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَاناً مُّبِيناً} ، أي: حجة بينة.
وقوله تعالى: {وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً} .
قال ابن جرير: يعني جل ثناؤه: {وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ} ، يعني: الجبل، وذلك لما امتنعوا من العمل بما في التوراة وقبول ما جاءهم به موسى فيها. {بِمِيثَاقِهِمْ} ، يعني: بما أعطوا الله الميثاق والعهد لنعملن بما في التوراة.
وقوله تعالى: {وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً} ، قال قتادة: كنا نحدث أنه باب من أبواب بيت المقدس. {وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ فِي السَّبْتِ} أصر القوم أن لا يأكلوا الحيتان يوم السبت، ولا يعرضوا لها وأحل لهم ما وراء ذلك.
وقوله: {وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً} ، يعني: عهدًا مؤكدًا شديدًا، بأنهم يعملون ما أمرهم الله به، وينتهون عما نهاهم الله عنه مما ذكر في هذه الآية ومما في التوراة.

قوله عز وجل: {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللهِ وَقَتْلِهِمُ

الصفحة 9