كتاب قواعد الأحكام في مصالح الأنام (اسم الجزء: 2)

الضَّرْبُ الثَّانِي فَضَائِلُ الْخَيْرَاتِ وَهِيَ أَقْسَامٌ:
أَحَدُهَا: حُسْنُ الصُّورَةِ.
وَالثَّانِي: قُوَى الْأَجْسَامِ، كَالْقُوَى الْحَادِثَةِ وَالْمُمْسِكَةِ وَالدَّافِعَةِ وَالْغَاذِيَةِ، وَالْقُوَى عَلَى الْجِهَادِ وَالْقِتَالِ وَحَمْلِ الْأَعْبَاءِ وَالْأَثْقَالِ.
الثَّالِثُ: الصِّفَاتُ الدَّاعِيَةُ إلَى الْخُيُورِ، وَالْوَازِعَةِ عَنْ الشُّرُورِ: كَالْغَيْرَةِ وَالنَّخْوَةِ وَالْحَيَاءِ وَالشَّجَاعَةِ وَالْحِلْمِ وَالْأَنَاةِ وَالسَّخَاءِ.
الرَّابِعُ: الْعُقُولُ.
الْخَامِسُ: الْحَوَاسُّ.
السَّادِسُ: الْعُلُومُ الْمُكْتَسَبَةُ وَهِيَ أَقْسَامٌ:
أَحَدُهَا: مَعْرِفَةُ وُجُودِ الْإِلَهِ وَصِفَاتِهِ الذَّاتِيَّةِ وَالسَّلْبِيَّةِ وَالْعَقْلِيَّةِ.
الثَّانِي: مَعْرِفَةُ إرْسَالِ الرُّسُلِ وَإِنْزَالِ الْكُتُبِ وَتَنْبِيهِ الْأَنْبِيَاءِ.
الثَّالِثُ: مَعْرِفَةُ مَا شَرَعَهُ اللَّهُ مِنْ الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ وَأَسْبَابِهَا وَشَرَائِعِهَا وَتَوَابِعِهَا.
السَّابِعُ: الْأَحْوَالُ النَّاشِئَةُ عَمَّا ذَكَرَهُ مِنْ الْمَعَارِفِ.
الثَّامِنُ: الْقِيَامُ بِطَاعَةِ اللَّهِ فِي كُلِّ مَا أَمَرَ بِهِ وَنَهَى عَنْهُ.
التَّاسِعُ: مَا رَتَّبَهُ اللَّهُ عَلَى هَذِهِ الْمَعَارِفِ وَالْأَحْوَالِ وَالطَّاعَاتِ مِنْ لَذَّاتِ الْآخِرَةِ وَأَفْرَاحِهَا بِالنَّعِيمِ الرُّوحَانِيِّ: كَلَذَّةِ الْأَمْنِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، وَالْأُنْسِ بِقُرْبِهِ وَجِوَارِهِ، وَسَمَاعِهِ وَكَلَامِهِ، وَتَبْشِيرِهِ بِالرِّضَا الدَّائِمِ، وَكَذَلِكَ النَّظَرُ إلَى وَجْهِهِ الْكَرِيمِ مَعَ الْخَلَاصِ مِنْ عَذَابِهِ الْأَلِيمِ.
فَهَذِهِ فَضَائِلُ بَعْضُهَا أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ فَمَنْ اتَّصَفَ بِأَفْضَلِهَا كَانَ مِنْ أَفْضَلِ الْبَرِيَّةِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ مَعْرِفَةَ اللَّهِ وَمَعْرِفَةَ صِفَاتِهِ وَلَذَّاتِ رِضَاهُ وَالنَّظَرِ إلَى وَجْهِهِ الْكَرِيمِ أَفْضَلُ مِمَّا عَدَاهُنَّ، وَأَفْضَلُ الْمَلَائِكَةِ مَنْ قَامَ بِهِ أَفْضَلُ هَذِهِ الصِّفَاتِ، فَإِنْ تَسَاوَى اثْنَانِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ فِي ذَلِكَ لَمْ يُفَضَّلْ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ

الصفحة 231