كتاب تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

مَعْنَاهُ قَائِما بِهِ ووصفا لَهُ وَحقه أَن يسند إِلَيْهِ سَوَاء كَانَ بِاخْتِيَارِهِ كضرب أَولا كمات (عِنْد الْمُتَكَلّم) مُتَعَلق لَهُ: أَي فِي اعْتِقَاده وَزَادُوا على هَذَا قيد فِي الظَّاهِر ليدْخل فِيهِ مَا يفهم من كَلَام ظَاهر كَلَامه أَي اعْتِقَاده أَنه لَهُ، وَلَيْسَ فِي نفس الْأَمر اعْتِقَاده كَذَلِك كَمَا دخل بقوله عِنْد الْمُتَكَلّم مَا لَيْسَ لَهُ فِي نفس الْأَمر، لكنه لَهُ عِنْد الْمُتَكَلّم، وَعند المُصَنّف رَحمَه الله أَنه لَا حَاجَة إِلَى زِيَادَة هَذَا الْقَيْد وَلذَا قَالَ (وَلَا حَاجَة إِلَيّ فِي الظَّاهِر لِأَن الْمُعَرّف) على صِيغَة الْمَجْهُول (الْحَقِيقَة فِي نَفسهَا) يَعْنِي الْمَذْكُور فِي التَّعْرِيف بِدُونِ قيد فِي الظَّاهِر كَاف فِي تَصْوِير مَاهِيَّة الْحَقِيقَة من حَيْثُ هِيَ، وَإِنَّمَا الْحَاجة إِلَى الْقَيْد الْمَذْكُور فِي الحكم بِأَن الْإِسْنَاد الَّذِي دلّ عَلَيْهِ كَلَام الْمُتَكَلّم هَل هُوَ مُعْتَقد الْمُتَكَلّم ليتَحَقَّق هُنَاكَ فَرد من الْحَقِيقَة، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (ثمَّ الحكم بوجودها) أَي الْحَقِيقَة (بدليله) أَي الْوُجُود فشيء آخر (غير ذَلِك) أَي غير الْحَقِيقَة فِي نَفسهَا، وَيلْزم من هَذَا أَنه إِذا ظهر لنا من ظَاهر حَال الْمُتَكَلّم أَن الْفِعْل لهَذَا الْفَاعِل فِي اعْتِقَاده وَلَيْسَ كَذَلِك فِي نفس الْأَمر لم يتَحَقَّق هُنَاكَ فَرد الْحَقِيقَة فِي نفس الْأَمر، وَإِن كَانَ فِي ظننا أَنه تحقق ويلتزمه المُصَنّف رَحمَه الله، لكنه بَقِي شَيْء: وَهُوَ أَن نَحْو زيد إِنْسَان جسم خَارج، مَعَ أَن ظَاهر كَلَام الشَّيْخ عبد القاهر والسكاكي أَنه حَقِيقَة لَا تدخل فِي التَّعْرِيف، وَذهب صَاحب التَّلْخِيص إِلَى أَنه لَيْسَ بِحَقِيقَة وَلَا مجَاز (وَالْمجَاز) الْجُمْلَة الَّتِي أسْند فِيهَا الْفِعْل أَو مَعْنَاهُ (إِلَى غَيره) أَي غير مَا هُوَ لَهُ عِنْد الْمُتَكَلّم (لمشابهة الملابسة) بَين الْفِعْل أَو مَعْنَاهُ، وَبَين غير مَا هُوَ لَهُ: يَعْنِي ينزل غير مَا هُوَ لَهُ فِي مَوضِع مَا هُوَ لَهُ لِكَوْنِهِمَا متشاركين فِي معنى الملابسة: يَعْنِي كَمَا أَن الْفِعْل أَو مَا فِي مَعْنَاهُ ملابس لما هُوَ لَهُ كَذَلِك ملابس لذَلِك الْغَيْر (أَو الْإِسْنَاد كَذَلِك) مَعْطُوف على قَوْله الْجُمْلَة الخ: أَي الْحَقِيقَة أما أَن تفسر بِالْجُمْلَةِ الْمَذْكُورَة، وَإِمَّا أَن تفسر بِإِسْنَاد الْفِعْل أَو مَعْنَاهُ إِلَى مَا هُوَ لَهُ عِنْد الْمُتَكَلّم، وعَلى هَذَا الْقيَاس تَعْرِيف الْمجَاز (وَالْأَحْسَن فيهمَا) أَي فِي تعريفي الْحَقِيقَة وَالْمجَاز أَن يُقَال (مركب) نسب فِيهِ أَمر إِلَى مَا هُوَ لَهُ عِنْد المتكل، أَو إِلَى غير مَا هُوَ لَهُ عِنْده لمشابهة الملابسة (وَنسبَة ليدْخل) الْمركب (الإضافي) فِي نَحْو (إنبات الرّبيع) فَإِنَّهُ لَا يدْخل فِي تعريفهم لعدم الْإِسْنَاد فِيهِ، وَمِنْه - شقَاق بَينهمَا} - ومكر اللَّيْل وَالنَّهَار، وَذَلِكَ لشمُول النِّسْبَة التَّامَّة وَغير التَّامَّة بِخِلَاف الْإِسْنَاد، وَإِنَّمَا قَالَ الْأَحْسَن، لجَوَاز سهل الْإِسْنَاد على الْمَعْنى الْأَعَمّ وَإِن كَانَ خلاف الظَّاهِر، وَأَيْضًا لَا مساحة فِي الِاصْطِلَاح، وَزَاد السكاكي فِي تَعْرِيف الْمجَاز قَوْله بِضَرْب من التَّأْوِيل لِئَلَّا ينْتَقض بِمَا إِذا قصد الْمُتَكَلّم صُدُور الْكَذِب عَنهُ فيسند إِلَى غير مَا هُوَ لَهُ عِنْده من غير مُلَاحظَة الملابسة الْمَذْكُورَة فَإِنَّهُ لَيْسَ بمجاز، وَالْمُصَنّف رَحمَه الله أخرجه بقوله لمشابهته الملابسة وَلَا يخفى أَنه غير دَاخل فِي الْحَقِيقَة أَيْضا فَيبقى وَاسِطَة بَينهمَا (ويسميان) أَي هَذِه الْحَقِيقَة وَهَذَا الْمجَاز (عقليين) لِأَن

الصفحة 11