كتاب تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

الْحَاكِم بِأَنَّهُ ثَابت فِي مَحَله أَو مجَاز عَنهُ إِنَّمَا هُوَ الْعقل لَا الْوَضع كَمَا فِي اللغوين (وَوجه الأقربية) أَي أقربية إِطْلَاق الْحَقِيقَة وَالْمجَاز على الْكَلَام من إطلاقهما على الْإِسْنَاد (اسْتِقْرَار أَنه) أَي الْوَصْف بهما (للفظ) يَعْنِي قد اسْتَقر فِي الأذهان أَنَّهُمَا من أَوْصَاف اللَّفْظ (والمركب) بِاعْتِبَار هَيئته النوعية (مَوْضُوع للتركيبي) أَي للمعنى التركيبي وضعا (نوعيا) لِأَن الْمَوْضُوع والموضوع لَهُ لَو حظا فِي هَذَا الْوَضع: يَعْنِي أَنه كلي (بدل أَفْرَاده) يَعْنِي أَن الْمركب الْمَذْكُور كلي، وكل مركب خَاص فَرد من أَفْرَاده وَكَذَلِكَ الْمَعْنى التركيبي، وَالْمَقْصُود وضع كل مركب خَاص بِإِزَاءِ معنى تركيبي خَاص، وتفصيل هَذِه الأوضاع غير مُمكن، فَجعل آلَة مُلَاحظَة الخصوصيات عنوان الْمركب الْكُلِّي وَآلَة مُلَاحظَة الْمعَانِي التركيبية عنوانا آخر مثله، فوضعوا ذَلِك لأفراد هَذَا دفْعَة وَاحِدَة، فَصَارَ هَذَا الْوَضع الْكُلِّي الإجمالي بدل وضع الْأَفْرَاد للإفراد تَفْصِيلًا (بِلَا قرينَة) مُتَعَلق بِالْوَضْعِ الْمَذْكُور: أَي وضع الْمركب الْمَذْكُور للدلالة على الْمَعْنى التركيبي بِنَفسِهِ بِلَا قرينَة، وَفِي نُسْخَة الشَّارِح تدل إِفْرَاده بِلَا قرينَة من الدّلَالَة وَهُوَ الأوفق بِمَا سبق، فالمجاز مُتَعَلق بِالدّلَالَةِ (فَهِيَ) أَي تِلْكَ المركبات من المستعملة فِيمَا وضعت لَهَا بِلَا قرينَة (حقائق فَإِذا اسْتعْمل) الْمركب (فِيمَا) أَي فِي معنى غير مَا وضع لَهُ حَال كَونه متلبسا (بهَا) أَي بِالْقَرِينَةِ (فمجاز) أَي فَذَلِك الْمركب مجَاز (و) يُسمى (الْأَوَّلَانِ) أَي الْحَقِيقَة وَالْمجَاز فِي الْمُفْرد (لغويين تعميما للغة فِي الْعرف) بِأَن يُرَاد بهَا معنى عَام يتَحَقَّق فِي عرف أَرْبَاب الْعَرَبيَّة وَغَيرهم أَو الْمَعْنى أَن التَّعْمِيم إِنَّمَا هُوَ فِي الْعرف (وتوصف النِّسْبَة بهما) أَي بِالْحَقِيقَةِ وَالْمجَاز فَيُقَال: نِسْبَة حَقِيقَة وَنسبَة مجَاز (وتنسب) النِّسْبَة إِلَيْهِمَا، فَيُقَال نِسْبَة حَقِيقِيَّة وَنسبَة مجازية (لنسبتها) أَي لأجل نِسْبَة النِّسْبَة (إِلَى الْحَقِيقَة وَالْمجَاز) لَا يظْهر وَجه لوضع الْمظهر مَوضِع الْمُضمر إِلَّا أَن يُقَال: المُرَاد بهما هَهُنَا غير مَا أُرِيد بهما أَولا: أَي الثَّابِت فِي مَحَله والمجاوز عَنهُ فَيكون نِسْبَة النِّسْبَة إِلَيْهِمَا من قبيل نِسْبَة الْأَخَص إِلَى الْأَعَمّ (واستبعاده) قَالَ الشَّارِح: أَي الْمجَاز الْعقلِيّ والأولي: أَي وصف النِّسْبَة بهما (باتحاد جِهَة الْإِسْنَاد) كَمَا ذكره ابْن الْحَاجِب من أَنه لَيْسَ للإسناد جهتان: جِهَة الْحَقِيقَة، وجهة الْمجَاز كالأسد، وَالْمجَاز لَا يتَحَقَّق إِلَّا عِنْد اخْتِلَاف الْجِهَتَيْنِ، وَفِي الشَّرْح العضدي: فَإِن قلت فقد قَالَ عبد القاهر فِي نَحْو أحياني اكتحالي بطلعتك: أَن الْمجَاز فِي الْإِسْنَاد فَإِن موجد الشرور هُوَ الله قُلْنَا هَذَا بعيد لِاتِّحَاد جِهَة الْإِسْنَاد، فَإِنَّهُ لَا فرق فِي اللُّغَة بَين قَوْلك سرني رؤيتك، وَمَات زيد وَضرب عَمْرو، فَإِن جِهَة الْإِسْنَاد وَاحِدَة لَا يخْطر بالبال عِنْد الِاسْتِعْمَال غَيرهَا. وَقَالَ الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ فِي حَاشِيَة عَلَيْهِ فِي منع كَون أَمْثَال هَذِه الصُّور من قبيل الْمجَاز إِلَّا بِاعْتِبَار الْمُفْردَات، وَهَذَا حق فِي مثل: شابت لمة اللَّيْل، لِأَن اللمة مجَاز عَن سَواد أَجزَاء اللَّيْل، والشيب الْبيَاض فِيهِ

الصفحة 12