كتاب تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

أَي من قصد اقْتِضَاء شبه صفته انْتِفَاء الْبُخْل (اقْتِضَاء صفته) انْتِفَاء الْبُخْل، وَقَوله اقْتِضَاء فَاعل أولى، هَذَا على رَأْي بعض النُّحَاة، وَأما على رَأْي الْأَكْثَر، فَالْخَبَر الْجُمْلَة اقْتِضَاء صفته مُبْتَدأ وَأولى خَبره أَو الْعَكْس كَمَا ذهب إِلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ (لَكِن لَيْسَ مِنْهُ) أَي من بَاب مثلك لَا يبخل (مَا نَحن فِيهِ من نفي مثل الْمثل) لينتفي الْمثل، كلمة من لبَيَان الْمَوْصُول (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يكن كَذَلِك بِأَن يكون مَا نَحن فِيهِ من ذَلِك الْبَاب (لم يَصح نفي مثل لِثَابِت) مُتَعَلق بِمثل الثَّانِي: أَي لشخص ثَابت لَهُ مثل فَاعل ثَابت وَاحِد فضلا عَن الْأَكْثَر لكنه: أَي نفي مثل لما هُوَ ثَابت (لَهُ مثل وَاحِد لكنه) أَي نفي مثل هُوَ لما ثَابت لَهُ مثل (صَحِيح فَإِذا قيل لَيْسَ مثل مثل زيد أحد) اسْم لَيْسَ قدم عَلَيْهِ خَبره (اقْتضى ثُبُوت مثل لزيد) وَلقَائِل أَن يَقُول يجوز أَن يكون لَيْسَ كمثله من قبيل مثلك لَا يبخل وَلَا يلْزم مِنْهُ عدم صِحَة نفي مَا ذكره لجَوَاز أَن يسْتَعْمل لَيْسَ مثل مثله تَارَة لنفي الْمثل وَتارَة لنفي مثل الْمثل مَعَ وجود الْمثل وَيتَعَيَّن كل مِنْهُمَا بِحَسب الْقَرَائِن، فَفِي مثلك لَا يبخل الْعلم بِوُجُود الْمثل حَاصِل، والقرينة دَالَّة على أَن المُرَاد نفي الْبُخْل عَمَّن أضيف إِلَيْهِ الْمثل بطرِيق أولى، فَعِنْدَ اسْتِعْمَال لَيْسَ كمثله إِن كَانَ الْعلم بِوُجُود الْمثل حَاصِلا لم يكن المُرَاد نفي الْمثل بطرِيق أولى، وَإِن لم يعلم وجود الْمثل وَكَانَ سوق الْكَلَام لنفي الْمثل كَانَ المُرَاد نَفْيه بطرِيق أولى، نعم يتَّجه أَن يُقَال هَذَا التَّأْوِيل وَإِن جَازَ على سَبِيل التَّكْلِيف، لَكِن الْمُتَبَادر من اللَّفْظ نفي مثل الْمثل مَعَ وجود الْمثل كَمَا لَا يخفى على من لَهُ ذوق الْعَرَبيَّة، وسيشير إِلَيْهِ (وَصرف) مَا حققناه من أَن مُقْتَضى لَيْسَ مثل زيد ثُبُوت مثل لزيد وَأَنه يسْتَلْزم ثُبُوت زيد أَيْضا (لُزُوم التَّنَاقُض) اللَّازِم من نفي مثل مثله على مَا بَيناهُ (إِلَى نفي مثل) آخر (غير زيد) أَي صرف مَا ذكر انصراف النَّفْي عَمَّا يسْتَلْزم التَّنَاقُض من نفي مُطلق مثل الْمثل إِلَى نفي الْمثل الْخَاص (فَلم يتحد مَحل النَّفْي وَالْإِثْبَات) فَمحل النَّفْي مثل الْمثل الذى غير زيد، وَمحل الْإِثْبَات مثل الْمثل الَّذِي هُوَ زيد، وَيحْتَمل أَن يكون لُزُوم التَّنَاقُض فَاعل صرف، الْمَعْنى صَار لُزُوم التَّنَاقُض الْمَذْكُور قرينَة صارفة لحمل النَّفْي عَن الْإِطْلَاق إِلَى التَّخْصِيص (وَهُوَ) أَي الصّرْف الْمَذْكُور (أظهر من صرفه) أَي من صرف لُزُوم التَّنَاقُض (السَّابِق) أَي الَّذِي سبق ذكره القَوْل الْمَذْكُور، يَعْنِي لَيْسَ كمثله (عَن ظُهُوره) أَي القَوْل الْمَذْكُور (فِي إِثْبَات الْمثل) إِلَى نفي الْمثل مُطلقًا (لأسبقية هَذَا) أَي إِثْبَات الْمثل إِلَى الْفَهم (من التَّرْكِيب) الْمَذْكُور غير أَن الصّرْف السَّابِق بِهِ يفتح جَوَاب الظَّاهِرِيَّة وَهَذَا يُبطلهُ كَمَا لَا يخفى (فَالْوَجْه ذَلِك الدّفع) أَي دفع دفع ابْن الْحَاجِب كَون التَّرْكِيب لنفي مثل مثله وَيلْزمهُ نفي مثله باقتضائه إِثْبَات الْمثل فِي مقَام نَفْيه بِجعْل لُزُوم التَّنَاقُض قرينَة صارفة عَن ظُهُور التَّرْكِيب فِي إِثْبَات الْمسند.

الصفحة 25