كتاب تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

أَي فِي جَوَاز هَذَا التَّصَرُّف لَهُ (نفع توسعة طَرِيق تَحْصِيل الْمَقْصُود) الْإِضَافَة الأولى بَيَانِيَّة، وَذَلِكَ لحصوله تَارَة بالولي وَتارَة بِنَفسِهِ مَعَ تَصْحِيح عِبَارَته، وَزِيَادَة دربته (ثمَّ عِنْده) أَي أبي حنيفَة (لما انجبر الْقُصُور بِالْإِذْنِ كَانَ كَالْبَالِغِ فَيملكهُ) أَي هَذَا التَّصَرُّف (بِغَبن فَاحش) وَهُوَ مَا لَا يدْخل تَحت تقوم المقومين (مَعَ الْأَجَانِب وَالْوَلِيّ فِي رِوَايَة) أَي سَوَاء كَانَ مُقَابلَة فِي التَّصَرُّف الْأَجَانِب أَو الْوَلِيّ فِي هَذِه الرِّوَايَة (وَفِي) رِوَايَة (أُخْرَى لَا) يملكهُ مَعَ الْوَلِيّ (لِأَنَّهُ) أَي الصَّبِي الْمَأْذُون (إِذا كَانَ أصيلا فِي الْملك) لكَونه مَالِكًا حَقِيقَة فتصرفه تصرف الْملاك من هَذَا الْوَجْه (فَفِي الرَّأْي) أصيل (من وَجه) لَا مُطلقًا إِذْ فِي رَأْيه خلل فِي حد ذَاته، وَإِلَّا لم يحْتَج إِلَى الانجبار بِرَأْي الْوَلِيّ، فَيُشبه تصرفه تصرف الوكلاء من هَذَا الْوَجْه (فَفِيهِ) أَي فِي هَذَا التَّصَرُّف (شُبْهَة النِّيَابَة عَن الْوَلِيّ فَكَأَن الْوَلِيّ بَاعه من نَفسه، فَلَا يجوز) بَيْعه مِنْهُ (بِغَبن) فَاحش كَمَا لَا يَبِيع الْوَلِيّ مَاله من نَفسه بِغَبن فَاحش (وَأَيْضًا إِذا كَانَ) فِي الرَّأْي أصيلا (من وَجه صَحَّ) التَّصَرُّف (لَا فِي مَحل التُّهْمَة) وَهُوَ مَا إِذا بَاعَ من الْأَجْنَبِيّ وَمَعَ الْوَلِيّ بِمثل الْقيمَة أَو بِمَا لَا يتَغَابَن النَّاس فِيهِ، وَالْبيع من الْوَلِيّ بِالْغبنِ الْفَاحِش فِي مَحل يُمكن فِيهِ التُّهْمَة، وَهُوَ أَن الْوَلِيّ إِنَّمَا أذن لَهُ لتَحْصِيل مَقْصُوده لَا للنَّظَر للصَّبِيّ (وَعِنْدَهُمَا لَا يجوز) بِالْغبنِ الْفَاحِش (مُطلقًا) أَي لَا من الْوَلِيّ وَلَا من غَيره (لِأَنَّهُ لما شَرط الْإِذْن) من الوليّ (كَانَ) الصَّبِي (آلَة تصرف الْوَلِيّ بِنَفسِهِ) وَهُوَ لَا يجوز مِنْهُ بِالْغبنِ الْفَاحِش ,
(وَهَذَا فصل آخر اختصوا) أَي الْحَنَفِيَّة (بِهِ فِي بَيَان أَحْكَام عوارض الْأَهْلِيَّة: أَي أُمُور لَيست ذاتية لَهَا) أَي للأهلية (طرأت أَولا) أَي خِصَال أَو آفَات مُغيرَة للْأَحْكَام كالسفر، أَو مزيلة لَهَا لمنعها أَهْلِيَّة الْوُجُوب أَو الْأَدَاء عَن الثُّبُوت كالموت وَالنَّوْم وَالْإِغْمَاء (فَدخل الصغر) فِي الْعَوَارِض الْمَذْكُورَة لعدم الطروّ والحدوث بعد الْعَدَم، وَكَونه لَيْسَ من الْأُمُور الذاتية للْإنْسَان، وملخصها أَحْوَال مُنَافِيَة لأهليته فِي الْجُمْلَة غير لَازمه لَهُ (وَهِي) أَي الْعَوَارِض (نَوْعَانِ سَمَاوِيَّة: أَي لَيْسَ للْعَبد فِيهَا اخْتِيَار) فنسبت إِلَى السَّمَاء لنزولها مِنْهَا، وَهِي (الصغر، وَالْجُنُون، والعته، وَالنِّسْيَان، وَالنَّوْم، وَالْإِغْمَاء، والرّق، وَالْمَرَض، وَالْحيض، وَالنّفاس، وَالْمَوْت) قَالُوا: وَإِنَّمَا لم يذكر الْحمل والأوضاع والشيخوخة الْقَرِيبَة إِلَى الفناء الَّتِي يتَغَيَّر بهَا بعض الْأَحْكَام لدخولها فِي الْمَرَض، وَأورد أَن الْإِغْمَاء وَالْجُنُون أَيْضا من الْمَرَض وَأجِيب بِأَنَّهُمَا أفردا بِالذكر لاختصاصهما بِأَحْكَام كَثِيرَة يحْتَاج إِلَى بَيَانهَا (ومكتسبة: أَي اكسبها العَبْد، أَو ترك إِزَالَتهَا) وَهِي سَبْعَة: السَّفه، وَالسكر، وَالْجهل، والهزل، وَالْخَطَأ، وَالسّفر، والاكراه

الصفحة 258