كتاب تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

اخْتِلَاطه (مرّة) وَهَذَا حَاصِل مَا قيل: هُوَ اختلال الْعقل بِحَيْثُ يخْتَلط كَلَامه فَيُشبه مرّة كَلَام المجانين وَمرَّة كَلَام الْعُقَلَاء (فكالصبي الْعَاقِل) أَي فالمعتوه مثله (فِي صِحَة فعله وتوكيله) يَعْنِي قبُول الْوكَالَة من غَيره فِي بيع مَال الْغَيْر وَالشِّرَاء لَهُ (بِلَا عُهْدَة) حَتَّى لَا يُطَالب فِي الْوكَالَة بِالْبيعِ وَالشِّرَاء بِنَقْد الثّمن وَتَسْلِيم الْمَبِيع، وَلَا يردّ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ وَلَا يُؤمر بِالْخُصُومَةِ فِيهِ (و) فِي صِحَة (قَوْله) الَّذِي هُوَ نفع مَحْض وَهُوَ أهل لاعتباره مِنْهُ لوُجُود أصل العقد (كإسلامه) أَي كصحة إِسْلَامه بِخِلَاف مَا هُوَ ضَرَر مَحْض كَالطَّلَاقِ وَالْعتاق فَإِنَّهُ لَا يَصح مِنْهُ إِلَّا بِإِذن وليه، لَا بِدُونِ إِذْنه (وَلَا تجب الْعِبَادَات عَلَيْهِ) كَمَا لَا تجب على الصَّبِي الْعَاقِل كَمَا هُوَ اخْتِيَار عَامَّة الْمُتَأَخِّرين (و) لَا تجب (الْعُقُوبَات) كَمَا لَا تجب على الصَّبِي الْعَاقِل لتمكن خلل فِي الْعقل فيهمَا دفعا للْحَرج (وَضَمان متلفاته لَيْسَ عُهْدَة) لِأَن الْعهْدَة إِنَّمَا تكون مَعَ التَّصَرُّف الشَّرْعِيّ والإتلاف لَيْسَ بِتَصَرُّف شَرْعِي وَلِأَن الْمَنْفِيّ عُهْدَة تحْتَمل الْعَفو فِي الشَّرْع، وَضَمان الْمُتْلف لَا يحْتَملهُ لِأَنَّهُ حق العَبْد شرع جبرا لما اسْتهْلك من الْمحل الْمَعْصُوم، وَلِهَذَا قدر بِالْمثلِ لَا جَزَاء للْفِعْل، وَكَون الْمُسْتَهْلك غير كَامِل الْعقل لَا يُنَافِي عصمَة الْمحل (وَتوقف نَحْو بَيْعه) وشرائه وإجازته على إِذن وليه وَإِثْبَات الْولَايَة عَلَيْهِ من بَاب النّظر والشفقة عَلَيْهِ لنُقْصَان عقله الْمُوجب لعَجزه (وَلَا يَلِي على غَيره) لِأَنَّهُ عَاجز عَن التَّصَرُّف فِي حق نَفسه فَمن أَيْن لَهُ قدرَة التَّصَرُّف على غَيره (وَلَا يُؤَخر الْعرض) لِلْإِسْلَامِ (عَلَيْهِ عِنْد إِسْلَام امْرَأَته) إِذا لم يكن مُسلما (لما قُلْنَا) فِي الصَّبِي الْعَاقِل وَهُوَ صِحَّته مِنْهُ لوُجُود أصل الْعقل بِخِلَاف الْمَجْنُون (وَفِي التَّقْوِيم تجب عَلَيْهِ الْعِبَادَات احْتِيَاطًا) فِي وَقت الْخطاب وَهُوَ الْبلُوغ، وَذَلِكَ لوُجُود الْعقل فِيهِ فِي الْجُمْلَة فَيحْتَمل كَونه مُكَلّفا بِهَذَا الِاعْتِبَار، وَالْحمل عَلَيْهِ يُوجب الْعَمَل المنجي عَن احْتِمَال الْعقَاب، بِخِلَاف الْحمل على عدم كَونه مُكَلّفا، وَفِي عبارَة المُصَنّف إِشْعَار بِأَن التَّحْقِيق فِيهِ القَوْل السَّابِق فَافْهَم (وَأما النسْيَان) وَهُوَ (عدم الاستحضار) للشَّيْء (فِي وَقت حَاجته) أَي الْحَاجة إِلَى استحضاره (فَشَمَلَ) هَذَا التَّعْرِيف (النسْيَان عِنْد الْحُكَمَاء والسهو) هَكَذَا وجدنَا عبارَة الْمَتْن فِي نُسْخَة الشَّارِح وَالنُّسْخَة الَّتِي اعتمادنا عَلَيْهَا غَالِبا، غير أَنه كَانَت فِيهَا الْوَاو قبل السَّهْو أَولا فمحيت وَالصَّوَاب إِثْبَاتهَا لِأَن السَّهْو على تَقْدِير عدم وَاو الْعَطف شَامِل للنسيان عِنْد الْحُكَمَاء وَهُوَ غير صَحِيح لِأَن النسْيَان عِنْدهم زَوَال الصُّورَة عَن المدركة والحافظة فَيحْتَاج فِي حُصُولهَا إِلَى سَبَب جَدِيد والسهو عِنْدهم زَوَالهَا عَن المدركة مَعَ بَقَائِهَا فِي الحافظة، وَقيل النسْيَان عدم ذكر مَا كَانَ مَذْكُورا والسهو غَفلَة عَمَّا كَانَ مَذْكُورا وَمَا لم يكن مَذْكُورا، اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون ذكر السَّهْو بعد النسْيَان على سَبِيل التعداد وَلَا يخفى مَا فِيهِ (لِأَن اللُّغَة لَا تفرق) بَين النسْيَان والسهو: يَعْنِي أَن النسْيَان المبحوث عَنهُ فِي هَذَا الْمقَام الَّذِي يَتَرَتَّب عَلَيْهِ الْأَحْكَام الْآتِيَة هُوَ الْمَذْكُور فِي السّنة، وَقد اسْتعْمل

الصفحة 263