كتاب تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

الشَّارِح، وَكَانَ الأولى تَقْيِيد الفترة بالطبيعية ليخرج الْإِغْمَاء قلت: وَفِي قَوْله تعرض بِصِيغَة الْمُضَارع المفيدة الِاسْتِمْرَار التجدّدي إغنا عَنهُ، على أَن مَفْهُوم النّوم بديهي يعرفهُ كل أحد، وَالْمَقْصُود بِصُورَة التَّعْرِيف بَيَان حكمته، وَقيد الْأَفْعَال بالاختيارية لِأَن الطبيعية كالنفس بَاقِيَة على حَالهَا، وَقيل: النّوم ريح يَأْتِي الْحَيَوَان إِذا شمها ذهب حواسه كَمَا تذْهب الْخمر بعقل شاربها، وَقيل: انعكاس الحواسّ الظَّاهِرَة إِلَى الْبَاطِنَة (فَأوجب تَأْخِير خطاب الْأَدَاء) إِلَى زَوَاله لِامْتِنَاع الْوَهم وإنجاز الْفِعْل حَالَة النّوم (لَا) تَأْخِير (أصل الْوُجُوب) وَلَا إِسْقَاطه حِينَئِذٍ لعدم إخلاله بِالذِّمةِ وَالْإِسْلَام، وَلَا مَكَان الْأَدَاء حَقِيقَة بالانتباه أَو خلفا بِالْقضَاءِ (وَلذَا) أَي لوُجُود أصل الْوُجُوب حَالَة النّوم (وَجب الْقَضَاء) للصَّلَاة الَّتِي دخل وَقتهَا وَهُوَ نَائِم (إِذا زَالَ) النّوم (بعد الْوَقْت) لِأَنَّهُ فرع وجود الْوُجُوب فِي حَالَة النّوم (و) أوجب (إبِْطَال عباراته من الْإِسْلَام والردّة وَالطَّلَاق) وَالْعتاق وَالْبيع وَالشِّرَاء إِلَى غير ذَلِك، وَالْمرَاد بقوله من الْإِسْلَام الخ الْأَلْفَاظ الدَّالَّة على الْمَذْكُورَات (وَلم تُوصَف) عباراته (بِخَبَر وإنشاء وَصدق وَكذب كالألحان) أَي كَمَا لَا يُوصف بهَا أصوات الطُّيُور لانْتِفَاء الْإِرَادَة وَالِاخْتِيَار (فَلِذَا اخْتَار فَخر الْإِسْلَام) وَصَاحب الْهِدَايَة فِي جمَاعَة (أَن قِرَاءَته لَا تسْقط الْفَرْض) ونصّ فِي الْمُحِيط على أَنه الأصحّ، لِأَن الِاخْتِيَار شَرط الْعِبَادَة وَلم يُوجد (وَفِي النَّوَادِر تنوب) وَاخْتَارَهُ الْفَقِيه أَبُو اللَّيْث، لِأَن الشَّرْع جعل النَّائِم كالمستيقظ فِي حق الصَّلَاة تَعْظِيمًا لأمر الْمُصَلِّي، وَالْقِرَاءَة ركن زَائِد يسْقط فِي بعض الْأَحْوَال، فَجَاز أَن يعتدّ بهَا مَعَ النّوم. نقل الشَّارِح عَن المُصَنّف أَنه قَالَ أَنه الْأَوْجه، وَالِاخْتِيَار الْمَشْرُوط قد وجد فِي ابْتِدَاء الصَّلَاة، وَهُوَ كَاف: أَلا ترى أَنه لَو ركع وَسجد ذاهلا غافلا عَن فعله كل الذهول أَنه يُجزئهُ انْتهى. وَفِي الْمُنْتَقى ركع وَهُوَ نَائِم لَا يجوز إِجْمَاعًا. وَقد يفرق بَينهمَا بِأَن الرُّكُوع ركن أصليّ لَا يسْقط بِخِلَاف الْقِرَاءَة، والغفلة لَيست مثل النّوم لِأَنَّهَا تَزُول بِأَدْنَى توجه، ثمَّ عطف على أَن قِرَاءَته (وَأَن لَا تفْسد قهقهته) أَي النَّائِم (الْوضُوء وَلَا الصَّلَاة، وَإِن قيل أَن أَكثر الْمُتَأَخِّرين) على أَن قهقهته (تفسدهما) أَي الْوضُوء وَالصَّلَاة: أما الْوضُوء فلكونها حَدثا فِي صَلَاة ذَات رُكُوع وَسُجُود بِالنَّصِّ، وَقد وجدت، وَلَا فرق فِي الْأَحْدَاث بَين النّوم واليقظة، وَأما الصَّلَاة فَلِأَن فِي القهقهة معنى الْكَلَام، وَالنَّوْم كاليقظة فِيهِ عِنْد الْأَكْثَر، وَوجه مُخْتَار فَخر الْإِسْلَام وَهُوَ الْأَصَح على مَا صرح بِهِ المُصَنّف فِي شرح الْهِدَايَة زَوَال منع الْجِنَايَة بِالنَّوْمِ (وتفريع النَّوَازِل الْفساد بِكَلَام النَّائِم عَلَيْهِ) أَي على قَول أَكثر الْمُتَأَخِّرين (لعدم فرق النصّ) وَهُوَ مَا فِي صَحِيح مُسلم " أَن صَلَاتنَا هَذِه لَا يصلح فِيهَا شَيْء من كَلَام النَّاس ". (بَين المستيقظ والنائم، وإنزال) الْمُصَلِّي (النَّائِم كالمستيقظ) شرعا لما روى عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ " إِذا نَام العَبْد فِي سُجُوده باهى الله بِهِ

الصفحة 265