كتاب تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

أَنه آدميّ مُكَلّف بِاعْتِبَار أَنه مَال مَمْلُوك (وَيرد) المَال إِذا كَانَ قَائِما لسُقُوط حق الْمولى بِالْإِذْنِ والتصديق (وَلَا ضَمَان فِي الهالكة) صدّقه الْمولى أَو كذبه، لِأَن الْقطع وَالضَّمان لَا يَجْتَمِعَانِ عِنْد أَصْحَابنَا. وَقد بَين فِي مَحَله (وَإِن قَالَ) الْمولى (المَال لي) فِيمَا إِذا كَانَ العَبْد مَحْجُورا وَالْمَال قَائِم (فلأبي يُوسُف) رَحمَه الله (يقطع) لِأَن إِقْرَاره حجَّة فِي الْقطع لِأَنَّهُ مَالك دم نَفسه (وَالْمَال للْمولى لِأَنَّهُ) أَي كَون المَال للْمولى هُوَ (الظَّاهِر) تبعا لرقبته (وَقد) ينْفَصل أحد الْحكمَيْنِ عَن الآخر: إِذْ قد (يقطع بِلَا وجوب مَال كَمَا لَو اسْتَهْلكهُ) أَي المَال الْمَسْرُوق (وَعَكسه) أَي وَقد يجب المَال وَلَا يقطع كَمَا (إِذا شهد بِالسَّرقَةِ رجل وَامْرَأَتَانِ) لما عرف من أَن شَهَادَة النِّسَاء مَعَ الرجل تقبل فِي الْأَمْوَال دون الْحُدُود (ولمحمد) رَحمَه الله (لَا) يقطع (وَلَا يرد) المَال (لما ذكر أَبُو يُوسُف) رَحمَه الله من أَن كَون المَال للْمولى هُوَ الظَّاهِر وَإِقْرَاره على الْمولى بَاطِل (وَلَا قطع) على العَبْد (بِمَال السَّيِّد) أَي بسرقته (وَلأبي حنيفَة) رَحمَه (يقطع ويردّ) المَال إِلَى الْمَسْرُوق مِنْهُ (الْقطع لصِحَّة إِقْرَاره بالحدود ويستحيل) الْقطع (بمملوك) أَي بِمَال مَمْلُوك (للسَّيِّد فقد كذبه) أَي الْمولى (الشَّرْع والمقطوع) أَي الَّذِي قطع بِهِ شرعا (انحطاطه) أَي الرَّقِيق (بِالْحجرِ) من قبل الشَّرْع (فِي أُمُور إجماعية مِمَّا ذكرنَا) من الْولَايَة وَالْقَضَاء وَالشَّهَادَة ومالكية المَال (فَمَا استلزم مِنْهَا) أَي من الْأُمُور الأجماعية (غَيره) الضَّمِير رَاجع إِلَى الْمَوْصُول (كَعَدم مالكية المَال) فَإِنَّهُ مُسْتَلْزم عدم صِحَة تصرف يتَوَقَّف صِحَّته على الْمَالِكِيَّة: فعلى هَذَا يكون مستلزما مِنْهَا، وَيحْتَمل أَن يكون مِثَالا للْغَيْر الَّذِي ألزمهُ أَمر إجماعيّ، وَهُوَ كَون الرَّقِيق عرضة للتَّمْلِيك والابتذال فَإِن قلت قَوْله: مِمَّا ذكرنَا يأبي هَذَا الِاحْتِمَال، لِأَن عدم الْمَالِكِيَّة مِمَّا ذكره قلت هَذَا إِذا كَانَ من هِيَ مِمَّا ذكرنَا بَيَانِيَّة، وَأما إِذا كَانَت تبعيضية فَيجوز أَن يكون عدم الْمَالِكِيَّة مِمَّا يستلزمه الْأَمر الإجماعي فَافْهَم (أَو قَامَ بِهِ) أَي بإثباته مَعْطُوف على صلَة الْمَوْصُول، وَالضَّمِير الْمَجْرُور رَاجع إِلَيْهِ وَالْفَاعِل (سمع) أَي دَلِيل سَمْعِي (حكم بِهِ) أَي بِمُوجب مَا ذكر من أحد الْأَمريْنِ (فَمن الْمَعْلُوم انحطاط ذمَّته) أَي الرَّقِيق عَن تحمل الدّين لِضعْفِهَا، لِأَنَّهُ من حَيْثُ أَنه مَال رَقِيق لَا ذمَّة لَهُ، وَمن حَيْثُ أَنه مُكَلّف لَهُ ذمَّة فَيثبت لَهُ ذمَّة ضَعِيفَة، فَلَا بُد لتقويتها لتحمله بانضمام مَالِيَّة الرَّقَبَة أَو الْكسْب إِلَيْهَا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (حَتَّى ضم إِلَيْهَا) أَي ذمَّته غَايَة للانحطاط (مَالِيَّة رقبته أَو كَسبه) فَلَا يُطَالب بِدُونِ انضمام أَحدهمَا إِلَيْهَا، فَإِن الِاحْتِمَال عبارَة عَن صِحَة الْمُطَالبَة، وَإِنَّمَا يَنْضَم إِلَيْهَا الْمَالِيَّة إِذا تعلق الْحق بهَا شرعا بِمُوجب كالإذن بِالتِّجَارَة صِيَانة لأموال النَّاس، وَكَذَلِكَ مَا اكْتَسبهُ الْمَأْذُون بهَا، وَمعنى تعلقه بهما حق الِاسْتِيفَاء مِنْهُمَا (فَبيع فِيمَا يلْزم) من الدُّيُون (فِي حق الْمولى إِن لم يفده وَلَا كسب أَو لم يَفِ) كَسبه بذلك إِن كَانَ لَهُ كسب

الصفحة 270