كتاب تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

إِلَّا أَن يُمكن بَيْعه كالمدبر وَالْمكَاتب ومعتق الْبَعْض عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله، فَحِينَئِذٍ يستسعى، وَالدّين الَّذِي يظْهر فِي حق الْمولى (كمهر وَدين تِجَارَة عَن إِذن) لرضا الْمولى بِالْعقدِ وَالتِّجَارَة (أَو تبين اسْتِهْلَاك) أَي باستهلاك علم يَقِينا لانْتِفَاء التُّهْمَة (لَا إِقْرَاره) أَي لَا بِإِقْرَارِهِ بالاستهلاك حَال كَونه (مَحْجُورا) لوُجُود التُّهْمَة وَعدم رضَا الْمولى بذلك فَلَا يظْهر فِي حَقه، فَلَا يُبَاع وَلَا يُؤْخَذ من كَسبه لَكِن يُؤَخر إِلَى عتقه (وحله) أَي وانحطاط الْحل الثَّابِت لَهُ بِالنِّكَاحِ عَن الْحل الثَّابِت للحرية (فاقتصر) حلّه (على ثِنْتَيْنِ نسَاء) لَهُ حرتين كَانَتَا، أَو أمتين كَمَا هُوَ قَول أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ رَحمَه الله وَأحمد. وَقَالَ مَالك: يتَزَوَّج أَرْبعا، لِأَن الرّقّ لَا يُؤثر فِي مالكية النِّكَاح، لِأَنَّهُ من خَصَائِص الْآدَمِيَّة وَأجِيب بِأَن لَهُ أثرا فِي تنصيف المتعدّد كإقراء الْعدة، وَعدد الطَّلَاق، وجلدات الْحُدُود، لِأَن اسْتِحْقَاق النعم بآثار الإنسانية، وَقد أثر الرقّ فِي إنسانها حَتَّى لحق بالبهائم يُبَاع بالأسواق: لِأَنَّهُ أثر الْكفْر الذى هُوَ موت حكمي كَمَا أثر فِي الْعقُوبَة. قَالَ تَعَالَى - {فعليهن نصف مَا على الْمُحْصنَات من الْعَذَاب} -. وَقَالَ جمع من الصَّحَابَة: إِن العَبْد لَا ينْكح أَكثر من اثْنَتَيْنِ. وَأخرج الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى عَن عمر مثله (وَاقْتصر) الْحل (فِيهَا) أَي الْأمة على تَقْدِير الْجمع بَينهَا وَبَين الْحرَّة (على تقدمها على الْحرَّة لَا) تحل (مُقَارنَة) لَهَا فِي العقد (ومتأخرة) عَنْهَا لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " ويتزوج الْحرَّة على الْأمة، وَلَا يتَزَوَّج الْأمة على الْحرَّة ": رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ، وَفِيه ظَاهر بن أسلم ضَعِيف: لَكِن أخرجه الطَّبَرِيّ وَعبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة مُرْسلا وَعبد الرَّزَّاق بِإِسْنَاد صَحِيح عَن جَابر مَوْقُوفا عَلَيْهِ وَأما نفي حل مقارنتها فَلِأَن هَذِه الْحَالة لَا تحْتَمل التجزي فتغلب بِالْحُرْمَةِ على الْحل (و) اقْتصر طَلاقهَا على (طَلْقَتَيْنِ) حرا كَانَ زَوجهَا أَو عبدا خلافًا للأئمة الثَّلَاثَة فِيمَا إِذا كَانَ حرا، وَاقْتصر تربصها لتعظيم ملك النِّكَاح وَالْعلم بِبَرَاءَة الرَّحِم (و) عدّتها على وجود (حيضتين عدَّة) لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " طَلَاق الْأمة ثِنْتَانِ، وعدتها حيضتان ": صَححهُ الْحَاكِم، وَإِنَّمَا كَانَ طَلاقهَا ثِنْتَيْنِ وعدتها حيضتين (تنصيفا) للثابت مِنْهَا للْحرَّة غير أَن التنصيف للثلاث يَقْتَضِي تَكْمِيل نصف الطَّلَاق وَالْحيض تَرْجِيحا لجَانب الْوُجُود على الْعَدَم (وَكَذَا فِي الْقسم) اقْتصر على النّصْف مِمَّا للْحرَّة هُوَ قَول أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيّ وَمَالك فِي رِوَايَة أُخْرَى إِلَى التَّسْوِيَة بَينهمَا، وَالْحجّة للْأولِ مَا عَن عليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " إِذا نكحت الْحرَّة على الْأمة، فلهذه الثُّلُثَانِ، ولهذه الثُّلُث ". وَفِي مَعْنَاهُ مَا عَن سُلَيْمَان بن يَاسر: " للْحرَّة ليلتان، وللأمة لَيْلَة ": أخرجهُمَا الْبَيْهَقِيّ (وَعَن تنصف النِّعْمَة) فِي حق الرَّقِيق (تنصف حِدة) لقَوْله تَعَالَى - {فعليهن نصف مَا على الْمُحْصنَات من الْعَذَاب} -: إِلَّا فِيمَا لَا يُمكن تنصيفه كالقطع فِي السّرقَة، فَإِن الْحر وَالْعَبْد فِيهِ سَوَاء (وَإِنَّمَا نقصت دِيَته إِذا ساوت

الصفحة 271