كتاب تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

وَأَنت خَبِير بِأَن كَلَام المُصَنّف رَحمَه الله سَاكِت عَن ثُبُوت كليهمَا لَهُ، ثمَّ يسْتَحق الْمولى ملك الرَّقَبَة ابْتِدَاء، ثمَّ اسْتِحْقَاق الْمولى بخلافة: بل الْمُتَبَادر مِنْهُ ثُبُوت ملك الرَّقَبَة للْمولى ابْتِدَاء، لَكِن على سَبِيل الْخلَافَة عَنهُ لما ذكر، وَكَيف يتَصَوَّر سُقُوط ثُبُوت ملك الرَّقَبَة لَهُ ابْتِدَاء مَعَ عدم أَهْلِيَّته لَهُ، وَعدم الْأَهْلِيَّة كَمَا يُنَافِي مالكيته بَقَاء كَذَلِك ينافيها ابْتِدَاء وَهُوَ ظَاهر (كالوارث) مَعَ الْمُورث، فَإِن ثُبُوت الْملك بطرِيق الْخلَافَة (وَكَون ملك التصرّف لَا يُسْتَفَاد إِلَّا من ملك الرَّقَبَة مَمْنُوع، نعم هُوَ) أَي ملك الرَّقَبَة (وَسِيلَة إِلَيْهِ) أَي إِلَى ملك التَّصَرُّف فِي الْجُمْلَة (وَلَا يلْزم من عدم ملكهَا) أَي الرَّقَبَة (عدم الْمَقْصُود) من الْوَسِيلَة (لجَوَاز تعدد الْأَسْبَاب) للمقصود، وَهُوَ ملك التَّصَرُّف (وَإِذ كَانَت لَهُ) أَي للْعَبد (ذمَّة وَعبارَة) وَلم يكن مَحْجُورا عَن التَّصَرُّف (صَحَّ الْتِزَامه فِيهَا) أَي فِي الذِّمَّة (وَوَجَب لَهُ) أَي للْعَبد، أَو الْتِزَامه (طَرِيق قَضَاء) لما الْتَزمهُ (دفعا للْحَرج اللَّازِم من أَهْلِيَّة الْإِيجَاب فِي الذِّمَّة بِلَا أَهْلِيَّة الْقَضَاء، وَأَدْنَاهُ) أَي طَرِيق الْقَضَاء (ملك الْيَد) فَلَزِمَ ثُبُوته للْعَبد وَهُوَ الْمَطْلُوب (وَلذَا) أَي ثُبُوت ملك الْيَد لَهُ (قَالَ أَبُو حنيفَة دينه) أَي العَبْد الْمَأْذُون (يمْنَع ملك الْمولى كَسبه) لِأَن ملك يَده للْمصْلحَة قَضَاء مَا الْتَزمهُ من كَسبه، فَهُوَ مَشْغُول بحاجته الْمُتَقَدّمَة على ملك الْمولى. (وَاخْتلف فِي قتل الْحر بِهِ) أَي بِالْعَبدِ (فَعنده) أَي الشَّافِعِي (لَا) يقتل بِهِ قصاصا (لابتنائه) أَي الْقَتْل قصاصا (على الْمُسَاوَاة فِي الكرامات) وَهِي منتفية بَينهمَا: إِذْ الْحر نفس من كل وَجه، وَالْعَبْد نفس من وَجه (قُلْنَا) لَا نسلم ابتناءه على الْمُسَاوَاة فِي الكرامات (بل) المناط فِيهِ الْمُسَاوَاة (فِي عصمَة الدَّم فَقَط للاتفاق على إهداره) أَي التَّسَاوِي بَين الْقَاتِل والمقتول (فِي الْعلم، وَالْجمال، وَمَكَارِم الْأَخْلَاق والشرف، وهما) أَي الحرّ وَالْعَبْد (مستويان فِيهَا) أَي عصمَة الدَّم (وينافي) الرّقّ (مالكية مَنَافِع الْبدن) إِجْمَاعًا (إِلَّا مَا اسْتثْنى من الصَّلَاة وَالصَّوْم إِلَّا نَحْو الْجُمُعَة) كَصَلَاة الْعِيد (بِخِلَاف الْحَج) فَإِنَّهُ لم يسْتَثْن نظرا للْمولى، علم هَذَا (بِالنَّصِّ) وَقد قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " وَأَيّمَا عبد حج ثمَّ أعتق فَعَلَيهِ حجَّة أُخْرَى ". صَححهُ الْحَاكِم على شَرط الشَّيْخَيْنِ، وَاشْترط فِيهِ الِاسْتِطَاعَة فِي الْكتاب، وَهِي مفسرة بالزاد وَالرَّاحِلَة، وَالْعَبْد لَا مَال لَهُ، وَأَيْضًا اشْترط فِيهِ الْحُرِّيَّة بِالْإِجْمَاع، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (لِلْمَالِ) تَعْلِيل للنَّص: أَي لم يُوجب عَلَيْهِ الشَّارِع الْحَج لاحتياجه إِلَى المَال (و) بِخِلَاف (الْجِهَاد) أَيْضا (فَلَيْسَ لَهُ الْقِتَال إِلَّا بِإِذن مَوْلَاهُ أَو) إِذن (الشَّرْع فِي عُمُوم النفير) عِنْد هجوم العدّو على بلد، فَإِنَّهُ يجب على جَمِيع النَّاس الدّفع بِخُرُوج الْمَرْأَة بِغَيْر إِذن زَوجهَا، وَالْعَبْد بِغَيْر إِذن الْمولى لِأَنَّهُ صَار فرض عين، وَملك الْيَمين، ورق النِّكَاح لَا يظْهر فِي حق فروض الْأَعْيَان كَمَا فِي الصَّلَاة وَالصَّوْم (وَلَا يسْتَحق) العَبْد إِذا قَاتل (سَهْما لِأَنَّهُ) أَي اسْتِحْقَاق السهْم (للكرامة) وَهُوَ نَاقص فِيهَا (بل) يسْتَحق (رضخا لَا يبلغهُ)

الصفحة 275