كتاب تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

والغريم بِمَالِه) فِي الْحَال (فَكَانَ) الْمَرَض (سَببا للحجر فِي الْكل) أَي كل المَال (للْغَرِيم) إِن كَانَ الدّين مُسْتَغْرقا (و) الْحجر فِي (الثُّلثَيْنِ فِي) حق (الْوَرَثَة إِذا اتَّصل) ظرف لتَعلق الْحَقَّيْنِ (بِهِ) أَي بِالْمرضِ (الْمَوْت) حَال كَون الْحجر (مُسْتَندا إِلَى أَوله) أَي الْمَرَض: إِذْ الحكم يسْتَند إِلَى أول السَّبَب فَلَا يرد أَن الِاتِّصَال بِالْمَوْتِ إِنَّمَا يظْهر عِنْد الْمَوْت، وَلَا اتِّصَال قبله، فَلَا تعلق لحقهما لِأَن الحكم الثَّابِت بطرِيق الِاسْتِنَاد لظُهُوره فِي الآخر غير أَنه يعْتَبر ثَانِيًا من أول زمَان وجود السَّبَب صِيَانة للحقوق، ثمَّ إِنَّه كل مَا تعلق بِهِ أحد الْحَقَّيْنِ من مَاله فَهُوَ مَحْجُور عَنهُ (بِخِلَاف مَا) أَي قدر من المَال (لم يتعلقا) أَي حق الْغَرِيم وَحقّ الْوَارِث (بِهِ) فَإِنَّهُ غير مَحْجُور عَنهُ (كَالنِّكَاحِ بِمهْر الْمثل) أَي كالمهر اللَّازِم بِسَبَب النِّكَاح الْمَذْكُور الْوَاقِع فِي حَال الْمَرَض، وَأما الْوَاقِع قبله فكونه مثل سَائِر الدُّيُون ظَاهر. ثمَّ أَنه لما ذكر عدم تعلق الْحَقَّيْنِ بِالْقدرِ الْمَذْكُور توهم كَونه مقدما على الدُّيُون فَدفع ذَلِك بقوله (فتحاصص) الزَّوْجَة (المستغرقين) الَّذين استغرقت دُيُونهم التَّرِكَة بِقدر مهر مثلهَا فَيقسم المَال عَلَيْهَا وَعَلَيْهِم على قدر حصصهم وكالنفقة وَأُجْرَة الطَّبِيب وَنَحْوهمَا كَمَا يتَعَلَّق بِهِ حَاجَة الْمَيِّت، وَكَذَلِكَ مَا زَاد على الدّين فِي حق الْغَرِيم عِنْد عدم الِاسْتِغْرَاق، وعَلى ثُلثي مَا بَقِي بعد وَفَاء الدّين إِن كَانَ، وعَلى ثُلثي الْجَمِيع إِن لم يكن. ثمَّ لما لم يعلم كَونه سَببا للحجر قبل اتِّصَاله بِالْمَوْتِ، وَكَانَ الأَصْل هُوَ الْإِطْلَاق لم يثبت الْحجر بِهِ بِالشَّكِّ (فَكل تصرف) وَاقع من الْمَرِيض (يحْتَمل الْفَسْخ) كَالْهِبَةِ وَالْبيع بالمحاباة (يَصح فِي الْحَال) لصدوره من أَهله مُضَافا إِلَى مَحَله عَن ولَايَة شَرْعِيَّة وَانْتِفَاء الْعلم بالمانع لعدم الْعلم باتصال الْمَوْت بِهِ (ثمَّ يفْسخ) ذَلِك التَّصَرُّف (إِن احْتِيجَ إِلَى ذَلِك) أَي فَسخه لما مر من أَن الْحجر يسْتَند إِلَى أول الْمَرَض إِذا اتَّصل بِهِ الْمَوْت، فَيظْهر أَن تصرفه تصرف مَحْجُور (وَمَا لَا يحْتَملهُ) أَي وكل تصرف وَاقع من الْمَرِيض لَا يحْتَمل الْفَسْخ (كالإعتاق الْوَاقِع على حق غَرِيم بِأَن يعْتق الْمَرِيض الْمُسْتَغْرق) دينه تركته عبدا مِنْهَا (أَو) الْوَاقِع (على حق وَارِث كإعتاق عبد تزيد قِيمَته على الثُّلُث يصير) الْعتْق (كالمعلق بِالْمَوْتِ) حَتَّى كَانَ عبدا فِي شَهَادَته وَسَائِر أَحْكَامه مَا دَامَ مَوْلَاهُ مَرِيضا وَإِذا مَاتَ (فَلَا ينْقض وَيسْعَى) العَبْد للْغَرِيم (فِي كُله) أَي مِقْدَار قِيمَته إِن كَانَ الدّين مُسْتَغْرقا (أَو) يسْعَى (فِي ثُلثَيْهِ) للْوَارِث إِن لم يكن عَلَيْهِ دين وَلَا مَال لَهُ سواهُ وَلم يجزه الْوَارِث (أَو أقل) مِنْهُمَا (كالسدس إِذا سَاوَى) العَبْد (النّصْف) أَي نصف التَّرِكَة وَلم يجزه الْوَارِث، فَإِن ثُلثي السِّتَّة أَرْبَعَة وثلثها ثِنْتَانِ وَالنّصف ثَلَاثَة (بِخِلَاف إِعْتَاق الرَّاهِن) العَبْد الرَّهْن (ينفذ) عتقه للْحَال مَعَ تعلق حق الْمُرْتَهن بِهِ (لِأَن حق الْمُرْتَهن فِي) ملك (الْيَد لَا) فِي ملك (الرَّقَبَة فَلَا يلاقيه) أَي الْعتْق حَقه (قصدا) فَإِن الَّذِي يلاقيه قصدا إِنَّمَا هُوَ ملك الرَّقَبَة، ثمَّ يلاقي ملك الْيَد ضمنا وتبعا، وَكم من شَيْء يثبت ضمنا وَلَا يثبت قصدا، وَحقّ الْغَرِيم وَالْوَارِث

الصفحة 278