كتاب تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

ملك الرَّقَبَة وَالْإِعْتَاق يلاقيه قصدا، إِذْ الْإِعْتَاق يَبْنِي عَلَيْهِ لَا على ملك الْيَد، وَلذَا صَحَّ إِعْتَاق الْآبِق مَعَ زَوَال الْيَد عَنهُ (فَإِن كَانَ) الرَّاهِن (غَنِيا فَلَا سِعَايَة) على العَبْد لعدم تعذر أَخذ الْحق مِنْهُ وَهُوَ الْأَدَاء إِن كَانَ حَالا وَقِيمَة الرَّهْن إِن كَانَ مُؤَجّلا فَيُوضَع عِنْد الْمُرْتَهن بِهِ لَا عَن العَبْد، (وَإِن) كَانَ (فَقِيرا سعى) العَبْد للْمُرْتَهن (فِي الْأَقَل من قِيمَته وَمن الدّين) لتعذر أَخذ الْحق من الرَّاهِن فَيَأْخُذ مِمَّن حصلت لَهُ فَائِدَة الْعتْق، لِأَن الْخراج بِالضَّمَانِ، كَذَا قَالَ الشَّارِح وَالظَّاهِر الْغرم بالغنم ثمَّ إِنَّمَا سعى فِي الْأَقَل، لِأَن الدّين إِن كَانَ أقل اندفعت الْحَاجة بِهِ وَإِن كَانَت الْقيمَة أقل فَإِنَّمَا حصل للْعَبد هَذَا الْقدر (وَيرجع) العَبْد (على مَوْلَاهُ عِنْد غناهُ) بِمَا أَدَّاهُ لِأَنَّهُ اضْطر إِلَى قَضَاء دينه بِحكم الشَّرْع (فَعتق الرَّاهِن حر مديون فَتقبل شَهَادَته قبل السّعَايَة، ومعتق الْمَرِيض الْمُسْتَغْرق) دينه للتركة (كَالْمكَاتبِ فَلَا تقبل) شَهَادَته قبل السّعَايَة (وَقد أدمجوا) أَي أدرج الْحَنَفِيَّة فِي الْكَلَام فِي أَحْكَام الْمَرَض (فرعا مَحْضا) لَيْسَ من مسَائِل الْأُصُول وَهُوَ أَنه (لما بطلت الْوَصِيَّة للْوَارِث) بِالنِّسْبَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي النّسخ (بطلت صُورَة) أَي من حَيْثُ الصُّورَة وَإِن لم تكن وَصِيَّة من حَيْثُ الْمَعْنى لعدم حُصُول المَال كَذَلِك الْوَارِث عَنهُ (عِنْد أبي حنيفَة) رَحمَه الله (حَتَّى لَو بَاعَ الْمَرِيض عينا بِمثل قِيمَته) فَصَاعِدا (مِنْهُ) أَي الْوَارِث فَمن حَيْثُ أَنه ملكه الْعين وَلَو بعوض كَأَنَّهُ وصّى لَهُ، وَإِنَّمَا (لَا يجوز لتَعلق حق كلهم) أَي الْوَرَثَة (بالصورة كَمَا) أَي كتعلق حَقهم (بِالْمَعْنَى) حَيْثُ لَا يجوز لبَعْضهِم أَن يَجْعَل شَيْئا من التَّرِكَة لنَفسِهِ بِنَصِيبِهِ من الْمِيرَاث وَلَا أَن يَأْخُذ التَّرِكَة وَيُعْطِي البَاقِينَ الْقيمَة، إِذْ النَّاس يتنازعون ويتناقشون فِي صور الْأَشْيَاء مَعَ قطع النّظر عَن ماليتها (خلافًا لَهما) فَإِنَّهُمَا يجوزان ذَلِك (بِخِلَاف بَيْعه من أَجْنَبِي) حَيْثُ يجوز اتِّفَاقًا (و) بطلت (معنى) أَي من حَيْثُ الْمَعْنى وَإِن لم تكن فِي صُورَة الْوَصِيَّة (بِأَن يقر لأَحَدهم بِمَال) فَإِنَّهُ يسلم لَهُ المَال بِلَا عوض، وَانْتِفَاء الصُّورَة ظَاهر (وشبهة) أَي وَبَطلَت من حَيْثُ الشُّبْهَة وَإِن لم يكن هُنَاكَ وَصِيَّة (بِأَن بَاعَ) من الْوَارِث (الْجيد من الْأَمْوَال الربوية برديء مِنْهَا) مجانس للْمَبِيع: كالذهب الْجيد بِالذَّهَب الرَّدِيء، وَالْفرق بَين البيعين من وَجْهَيْن: أَحدهمَا أَنه لم يحصل للْوَارِث فِي الأول زِيَادَة فِي الْمَالِيَّة وَهنا يحصل، وَالثَّانِي أَن المعرض لَا يتَعَلَّق بالصور فِي الربويات على أَن الْبَدَلَيْنِ مقلان فِي الصُّورَة (لتقوم الْجَوْدَة فِي التُّهْمَة) جَوَاب لسؤال مُقَدّر وَهُوَ أَن وصف الْجَوْدَة لَا يعْتَبر فِي التَّفَاضُل، وَلذَا يجوز بيع الْجيد بالرديء مَعَ التجانس والتساوي فِي الْوَزْن والكيل. وَحَاصِل الْجَواب أَن التَّفَاوُت بِاعْتِبَار الْقيمَة وَإِن كَانَ ملغي عِنْد عدم التُّهْمَة لكنه مُعْتَبر عِنْد وجودهَا (كَمَا فِي بيع الْوَلِيّ مَال الصَّبِي كَذَلِك) أَي الْجيد مِنْهَا بالرديء المجانس (من نَفسه) فَكَانَ فِيهِ شُبْهَة الْوَصِيَّة بالجودة، أَلا ترى أَن الْمَرِيض لَو بَاعَ الْجيد بالرديء من الْأَجْنَبِيّ يعْتَبر جودته

الصفحة 279