كتاب تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

أَي فعل الْمَيِّت حَتَّى يُقَال: لَا وَجه لبَقَائه (وَلذَا) أَي وَلكَون الْمَقْصُود ذَلِك (لَو ظفر بِهِ) أَي بذلك الشَّيْء الْمعِين صَاحبه كَانَ (لَهُ أَخذه) لحُصُول الْمَقْصُود: وَهُوَ حُصُول الْحق إِلَى الْمُسْتَحق لَا التَّسْلِيم الَّذِي هُوَ فعل المؤتمن وَالْمُودع وَالْغَاصِب (بِخِلَاف الْعِبَادَات) فَإِن الْمَقْصُود مِنْهَا حُصُول الْفِعْل من الْمُكَلف اخْتِيَارا وَقد فَاتَ (وَلذَا) أَي وَلكَون الْمَقْصُود من الْعِبَادَات فعل الْمُكَلف (لَو ظفر الْفَقِير بِمَال الزَّكَاة لَيْسَ لَهُ أَخذه) وَلَو عين صَاحب المَال جَزَاء معينا لِلزَّكَاةِ (وَلَا تسْقط) الزَّكَاة عَن مَالِكه (بِهِ) أَي بِأَخْذِهِ إِيَّاه لانْتِفَاء الْمَقْصُود (وَإِن) كَانَ ذَلِك الْمَشْرُوع (دينا لم يبْق) وُجُوبه على الْمَيِّت (بِمُجَرَّد الذِّمَّة) الَّتِي اعتبرها الشَّرْع للْمَيت لبَعض الْمصَالح (لِضعْفِهَا) أَي الذِّمَّة (بِالْمَوْتِ فَوْقه) أَي فَوق ضعفها (بِالرّقِّ) وَقد يُرْجَى زَوَاله بِالْعِتْقِ: وَالْمَوْت لَا يزجى زَوَاله عَادَة (بل) إِنَّمَا يبْقى (إِذا قويت) ذمَّته، و (بِمَال) تَركه (أَو كَفِيل) كفل بِهِ (قبل الْمَوْت لِأَن المَال مَحل الِاسْتِيفَاء) الَّذِي هُوَ الْمَقْصُود من الْوُجُوب (وَذمَّة الْكَفِيل تقَوِّي ذمَّة الْمَيِّت) لِأَن الْكفَالَة ضم ذمَّة إِلَى ذمَّة فِي الْمُطَالبَة (فَإِن لم يكن مَال) بِأَن مَاتَ مُفلسًا وَلَا كَفِيل بِهِ قبل الْمَوْت (لم تصح الْكفَالَة بِهِ) أَي بِمَا على الْمَيِّت (لانتقاله) أَي مَا على الْمَيِّت بطرِيق السُّقُوط لضعف الذِّمَّة، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (بِهِ) أَي بِالْمَوْتِ (عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله لِأَنَّهَا) أَي الْكفَالَة (الْتِزَام الْمُطَالبَة) بِمَا يُطَالب بِهِ الْأَصِيل (لَا تَحْويل الدّين) عَن الْأَصِيل إِلَى الْكَفِيل (وَلَا مُطَالبَة) للأصيل والتزام الْمُطَالبَة فرع وجودهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَصِيل، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (فَلَا الْتِزَام بِخِلَاف العَبْد الْمَحْجُور) الَّذِي يقر (بِالدّينِ) فَإِنَّهُ (نصح) الْكفَالَة (بِهِ) أَي بذلك الدّين الَّذِي أقرّ بِهِ (لِأَن ذمَّته قَائِمَة) لكَونه حَيا مُكَلّفا، والمطالبة مُحْتَملَة، إِذْ يُمكن أَن يصدقهُ الْمولى فِي الْحَال فَيُطَالب فِي الْحَال أَو يعتقهُ فيطالبه بعده، فباعتبار هَذَا الْمَعْنى صحت الْكفَالَة، وَإِن كَانَ الْأَصِيل غير مطَالب فِي الْحَال وَلما كَانَ هَهُنَا مَظَنَّة سُؤال، وَهُوَ أَن ضم مَالِيَّة رقبته إِلَى ذمَّته يَقْتَضِي كَونهَا غير كَامِلَة: أَشَارَ إِلَى الْجَواب بقوله (وَإِنَّمَا انْضَمَّ إِلَيْهَا) أَي إِلَى ذمَّته (مَالِيَّة الرَّقَبَة فِيمَا ظهر) أَي فِي ظُهُور الدّين (فِي حق الْمولى ليباع نظرا للْغُرَمَاء) لِأَن تعلق حَقهم بمالية العَبْد يصون حَقهم عَن التلاف إِذْ يُبَاع حِينَئِذٍ أَن لم يقر الْمولى وَلَا يصرف إِلَّا فِي اسْتِيفَاء حَقهم إِلَّا أَن يفضل الثّمن عَنهُ فَلَيْسَ الانضمام لعدم كَمَال الذِّمَّة: بل للْمصْلحَة الْمَذْكُورَة (وَتَصِح) الْكفَالَة الْمَذْكُورَة (عِنْدهمَا) وَبِه قَالَ الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة، وعزى إِلَى أَكثر أهل الْعلم (لِأَن بِالْمَوْتِ لَا يبرأ) لِأَنَّهُ لم يشرع مبرئا للحقوق ومبطلا لَهَا (وَلذَا) أَي لعدم كَونه مبرئا (يُطَالب بهَا فِي الْآخِرَة إِجْمَاعًا، وَفِي الدُّنْيَا إِذا ظهر) لَهُ (مَال، وَلَو تبرع أحد عَن الْمَيِّت) بأَدَاء الدّين (حل أَخذه، وَلَو بَرِئت) ذمَّته مِنْهُ بِالْمَوْتِ (لم يحل) أَخذه (وَالْعجز عَن الْمُطَالبَة) للْمَيت (لعدم قدرَة الْمَيِّت لَا يمْنَع صِحَّتهَا) أَي الْكفَالَة عَنهُ بِهِ (كَكَوْنِهِ) أَي

الصفحة 282