كتاب تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

الْأَصِيل (مُفلسًا) أَي عدم قدرَة الْمَيِّت على الْمُطَالبَة كإفلاسه فَإِنَّهُ بعد ثُبُوت الإفلاس يعجز صَاحب الدّين عَن الْمُطَالبَة شرعا لقَوْله تَعَالَى - {فنظرة إِلَى ميسرَة} - (وَيدل عَلَيْهِ) أَي على عدم بَرَاءَة ذمَّة الْمَيِّت أَو عدم سُقُوط الدّين بل على كَون الْكفَالَة عِنْد صَحِيحه (حَدِيث) جَابر " كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يُصَلِّي على رجل مَاتَ وَعَلِيهِ دين: فَأتي بميت فَقَالَ: أعليه دين؟ قَالُوا نعم: دِينَارَانِ، قَالَ صلوا على صَاحبكُم فَقَالَ أَبُو قَتَادَة الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ (هما عليّ) يَا رَسُول الله (فصلى عَلَيْهِ) رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ (وَالْجَوَاب عَنهُ) أَي الحَدِيث (باحتماله) أَي قَوْله هما عليّ (الْعدة) بوفائهما لَا الْتِزَام الْكفَالَة (وَهُوَ) أَي كَونه للعدة (الظَّاهِر إِذْ لَا تصح الْكفَالَة للْمَجْهُول) بِلَا خلاف، وَالظَّاهِر أَن صَاحب الدّين كَانَ مَجْهُولا، وَلَا لذكر، قَالَ الشَّارِح وَهُوَ مُشكل بِمَا فِي لفظ عَن جَابر، وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد فَجعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: هِيَ عَلَيْك وَفِي مَالك، وَالْمَيِّت مِنْهَا بَرِيء قَالَ نعم: فصلى عَلَيْهِ، وعَلى هَذَا فَيحمل على أَن أَبَا قَتَادَة علم صَاحب الدينارين حِين كفلها أه وَلَا يخفى عَلَيْك أَنه قد يُقَال لمن يعد مثل هَذَا الْكَلَام للتَّأْكِيد والتقرير عَلَيْهِ كَمَا روى عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " الْعدة دين " فَلَا إِشْكَال وَأجَاب فِي الْمَبْسُوط بِأَنَّهُ يحْتَمل أَن قَوْله هما عليّ كَانَ إِقْرَار بكفالة سَابِقَة، وَلَا يخفى بعده، وبأنها وَاقعَة حَال لَا عُمُوم لَهَا فَلَا يسْتَدلّ بهَا فِي خُصُوص مَحل النزاع قلت يُقَاس المنازع فِيهِ على مورد النَّص لاشتراك الْعلَّة هَذَا فِي حَدِيث ابْن حبَان فَقَالَ أَبُو قَتَادَة أَنا أكفل بِهِ قَالَ بِالْوَفَاءِ: قلا بِالْوَفَاءِ فصلى عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهَذَا يقوّي قَول أبي يُوسُف رَحمَه الله لَا يشْتَرط قبُول الْمَكْفُول لَهُ فِي الْمجْلس، وَبِه أفتى بعض الْمَشَايِخ (والمطالبة فِي الْآخِرَة رَاجِعَة إِلَى الْإِثْم وَلَا يفْتَقر إِلَى بَقَاء الذِّمَّة فضلا عَن قوتها، وبظهور المَال تقوت) ذكر لصِحَّة الْكفَالَة وَجْهَيْن: الأول عدم بَرَاءَة الْمَيِّت، وَالثَّانِي الحَدِيث فَأجَاب عَنهُ بقوله وَالْجَوَاب عَنهُ إِلَى آخِره، وَعلل الأول بالمطالبة فِي الْآخِرَة، فَأجَاب عَنهُ بقوله والمطالبة فِي الدُّنْيَا عَنهُ وَظُهُور المَال فَأجَاب عَنهُ بِأَن ظُهُوره يقوّي الذِّمَّة فَيُطَالب، وبالتبرع إِلَى آخِره عَن الْمَيِّت، وسيجيب عَنهُ وترقى الْجَواب الآخر فَقَالَ (بل ظُهُور قوتها) يَعْنِي كَانَت مَوْجُودَة فِي نفس الْأَمر: لَكِنَّهَا خفيت فَلَمَّا ظهر ظَهرت (وَهُوَ) أَي فِي تقويها (الشَّرْط) لصِحَّة الْكفَالَة (حَتَّى لَو تفوت بلحوق دين بعد الْمَوْت صحت الْكفَالَة بِهِ) أَي بِالدّينِ اللَّاحِق (بِأَن حفر بِئْرا على الطَّرِيق فَتلف بِهِ) أَي بالمحفور والحفر (حَيَوَان بعد مَوته) أَي الْحَافِر (فَإِنَّهُ يثبت الدّين) فِي هَذَا الْمُتْلف (مُسْتَندا إِلَى وَقت السَّبَب) أَي الْحفر (الثَّابِت حَال قيام الذِّمَّة) الصَّالِحَة للْوُجُوب يَعْنِي حَال الْحَيَاة (والمستند يثبت أَولا فِي الْحَال) ثمَّ يسْتَند (وَيلْزمهُ) أَي ثُبُوته فِي الْحَال (اعْتِبَار قوتها حِينَئِذٍ بِهِ) أَي بِالدّينِ اللَّاحِق، وَجَوَاب الشَّرْط مَا أَفَادَهُ بقوله (وَصِحَّة التَّبَرُّع لبَقَاء الدّين من

الصفحة 283