كتاب تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

الْكِتَابَة إِلَى الْمولى (وَثُبُوت عتقه) أَي الْمكَاتب فِي آخر جُزْء حَيَاته حَال كَونه (شَرط ذَلِك): أَي حريَّة الْأَوْلَاد الَّتِي تتفرع عَلَيْهَا وراثتهم، وَصِحَّة دفعهم مَال الْكِتَابَة (ضمني فَلَا يشْتَرط لَهُ) أَي لثُبُوت عتقه (الْأَهْلِيَّة) أَي أَهْلِيَّة الْمكَاتب، فَلَا يُقَال كَيفَ يثبت الْعتْق للْمَيت فترتب على هَذَا الثُّبُوت ثُبُوته فِي آخر حَيَاته مُسْتَندا فَإِن اشْتِرَاط الْأَهْلِيَّة لَهُ فِيمَا إِذا كَانَ غير ضمني فَقَوله دون المملوكية إِشَارَة إِلَى جَوَاب سُؤال مُقَدّر، وَهُوَ أَن بَقَاء الْكِتَابَة يحْتَاج إِلَى وجود المملوكية إِذْ لَا تصح كِتَابَته وَحَاصِل الْجَواب أَن حَاجَة هَذَا الْمبيت إِلَى بَقَاء الْكِنَايَة لَيْسَ إِلَّا لمصْلحَة بَقَاء ملك لَهُ، وَهَذِه الْمصلحَة حَاصِلَة إِذا اعْتبر عتقه من آخر جُزْء حَيَاته: فَالْمُرَاد بِبَقَاء الْكِتَابَة بَقَاء مَا هُوَ الْمَقْصد مِنْهَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله فبقاؤها كَون سَلامَة الإكساب إِلَى آخِره (لملك الْمَغْصُوب) لما ثَبت شرطا لملك الْبَدَل وَكَانَ ثُبُوته ضمنيا ثَبت (عِنْد) أَدَاء (الْبَدَل) مُسْتَندا إِلَى وَقت الْغَصْب وَإِن كَانَ الْمَغْصُوب حَال الْأَدَاء هَالكا والهالك لَا أَهْلِيَّة لَهُ للمملوكية وَلما كَانَ هُنَا مَظَنَّة سُؤال وَهُوَ أَن بَقَاء الْكِتَابَة المستلزمة لاعْتِبَار الرّقّ رَقَبَة تنَافِي ثُبُوت الْإِرْث مِنْهُ قَالَ (وَمَعَ بَقَائِهَا) أَي الْكِتَابَة (يثبت الْإِرْث) لوَارِثه مِنْهُ (نظرا لَهُ) أَي للْمَيت (إِذْ هُوَ) أَي الْإِرْث (خلَافَة لِقَرَابَتِهِ وَزَوجته وَأهل دينه) فِيمَا يتْركهُ إِقَامَة من الشَّارِع لَهُم فِي ذَلِك مقَامه لينتفعوا كانتفاعه فَلَو لم يثبت الْإِرْث لَهُم لزم عدم رِعَايَة مصلحَة الْمَيِّت الْمَذْكُور، وَهُوَ خلاف مَا يَقْتَضِيهِ نظر الشَّارِع فِي حَقه (ولكونه) أَي الْمَيِّت (سَبَب الْخلَافَة خَالف التَّعْلِيق) للْمُعْتق وَغَيره (بِهِ) أَي بِالْمَوْتِ (على) الْمَعْنى (الْأَعَمّ) للتعليق (من الْإِضَافَة) كَقَوْلِه أَنْت حر غَدا، وَالتَّعْلِيق بِالْمَعْنَى الْأَخَص، وَهُوَ تَعْلِيق الحكم على مَا هُوَ على خطر الْوُقُوع، وَالْمعْنَى الْأَعَمّ لَهُ تَأْخِير الحكم عَن زمَان الْإِيجَاب لمَانع مِنْهُ حِينَئِذٍ مقترن بِهِ لفظا وَمعنى (غَيره) أَي غير التَّعْلِيق بِالْمَوْتِ، وَالتَّعْلِيق بِغَيْر الْمَوْت مَعْقُول خَالف علية كَونه سَببا للخلافة لمُخَالفَة التَّعْلِيق بِهِ التَّعْلِيق بِغَيْرِهِ: إِنَّمَا هِيَ بِاعْتِبَار أَنه يسْتَلْزم تحقق الْمُعَلق بِهِ فِي زمَان قيام الْخَلِيفَة مقَام من صدر مِنْهُ التَّعْلِيق، فيراعى فِي هَذَا التَّعْلِيق جَانب الْخَلِيفَة، وباعتباره تخْتَلف الْأَحْكَام (فصح تَعْلِيق التَّمْلِيك بِهِ) بِالْمَوْتِ (وَهُوَ) أَي تَعْلِيق التَّمْلِيك (معنى الْوَصِيَّة) لِأَنَّهَا تمْلِيك مُضَاف لما بعد الْمَوْت، وَجه التَّفْرِيع أَنه لَو لم يكن الْمَوْت سَببا للخلافة لما صَحَّ تَعْلِيق التَّمْلِيك بِهِ لِأَن الْمُتَعَلّق بِالشّرطِ عِنْد وجود الشَّرْط تَنْجِيز من الْمُعَلق، وَهُوَ عِنْد ذَلِك ميت لَيْسَ بِأَهْل للتَّمْلِيك: لَكِن لما كَانَ خَليفَة قَائِما مقَامه صَار كَأَنَّهُ مَوْجُود عِنْد ذَلِك (وَلزِمَ تَعْلِيق الْعتْق بِهِ) أَي بِالْمَوْتِ (وَهُوَ) قَالَ الشَّارِح أَي لُزُومه، وَالْوَجْه أَن يُقَال أَي تَعْلِيق الْعتْق بِالْمَوْتِ (معنى التَّدْبِير الْمُطلق) وإطلاقه أَن لَا يُقيد الْمَوْت بِقَيْد كَأَن يَقُول: إِن مت فِي مرضِي هَذَا، وَنقل الشَّارِح عَن المُصَنّف أَنه قَالَ: إِنَّمَا قَالَ فصح تَعْلِيق التَّمْلِيك وَلزِمَ تَعْلِيق الْعتْق للْفرق بَين الْوَصِيَّة بِالْمَالِ وبالعتق لِأَن الْعتْق

الصفحة 285