كتاب تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

لم يحضرني شَيْء) وَهَذِه صُورَة خَامِسَة (أَو بني أَحدهمَا) أَي قَالَ أَحدهمَا إِنِّي بنيت العقد على الْمُوَاضَعَة (وَقَالَ الآخر لم يحضرني) شَيْء، وَهَذِه صُورَة سادسة (فعلى أَصله) أَي أبي حنيفَة يجب أَن يكون (عدم الْحُضُور كالإعراض) فِي صِحَة العقد عملا بِمَا هُوَ الأَصْل فِي العقد فكأنهما أعرضا مَعًا فِي الصُّورَة الأولى، وَفِي الصُّورَة الثَّانِيَة بإعراض أَحدهمَا تَنْتفِي الْمُوَاضَعَة فَيصح العقد (وهما) يجعلان عدم الْحُضُور على أَصلهمَا (كالبناء) على الْمُوَاضَعَة تَرْجِيحا للمواضعة على الْإِعْرَاض بِالْعَادَةِ وأليق فَلَا يَصح العقد فِي شَيْء مِنْهُمَا. وَفِي التَّلْوِيح هَذَا مَأْخُوذ من صُورَة اتِّفَاقهمَا على أَنه لم يحضرهما شَيْء فَإِنَّهُ عِنْد أبي حنيفَة بِمَنْزِلَة الْإِعْرَاض، وَعِنْدَهُمَا بِمَنْزِلَة الْبناء، وَأورد عَلَيْهِ أَنه لم تظهر جِهَة الصِّحَّة على قَول أبي حنيفَة فِيمَا إِذا بنى أَحدهمَا، وَقَالَ الآخر: لم يحضرني شَيْء فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَن لَا يَصح على أَصله لِاجْتِمَاع الْمُصَحح والمفسد وَالتَّرْجِيح للمفسد، وَكَذَا ذكره الشَّارِح وَلَا يخفى عَلَيْك أَن الْمُصَحح إِنَّمَا هُوَ الأَصْل فِي العقد وَهُوَ الصِّحَّة، وَلَا مُفسد هُنَا سوى الْمُوَاضَعَة فَلَا تتَحَقَّق الْمُوَاضَعَة إِلَّا ببنائهما مَعًا، وَقد عرفت أَن عدم الْحُضُور كالإعراض عَن الْمُوَاضَعَة عِنْده، وعَلى تَقْدِير تَسْلِيم هَذِه الْمُقدمَة لَا يرد شَيْء على مَا فِي التَّلْوِيح لِأَنَّهُ لَا يضر بِكَوْنِهِ مأخوذا من صُورَة الِاتِّفَاق كَون تقدمتها مدخولة (وَلَا يخفى أَن تمسكه) أَي أبي حنيفَة (بِأَن الأَصْل فِي العقد الصِّحَّة وهما) أَي تمسكهما (بِأَن الْعَادة تَحْقِيق الْمُوَاضَعَة السَّابِقَة هُوَ) أَي كل من التمسكين (فِيمَا إِذا اخْتلفَا فِي دَعْوَى الْإِعْرَاض أَو الْبناء) بِأَن يدعى أَحدهمَا أَنه كَانَ هُنَاكَ إِعْرَاض من الْجَانِبَيْنِ أَو من جَانب، وَيَدعِي الآخر خِلَافه: وَكَذَا فِي الْبناء (وَأما إِذا اتفقَا على الِاخْتِلَاف بِأَن يقرا بإعراض أَحدهمَا وَبِنَاء الآخر فَلَا قَائِل بِالصِّحَّةِ) بل عدم الصِّحَّة حِينَئِذٍ بالِاتِّفَاقِ وَهُوَ ظَاهر (ومجموع صور الِاتِّفَاق وَالِاخْتِلَاف ثَمَانِيَة وَسَبْعُونَ، فالاتفاق على إعراضهما أَو بنائهما أَو ذهولهما أَو بِنَاء أَحدهمَا وإعراض الآخر أَو) بِنَاء أَحدهمَا (وذهوله) أَي الآخر (أَو إِعْرَاض أَحدهمَا وَذُهُول الآخر سِتَّة، وَالِاخْتِلَاف) أَي صوره وَهِي (دَعْوَى أَحدهمَا إعراضهما و) دعواهما (بناءهما و) دَعْوَاهُ (ذهولهما و) دَعْوَاهُ (بناءه) أَي أَحدهمَا الْمُدَّعِي (مَعَ إِعْرَاض الآخر أَو) دَعْوَاهُ بناءه مَعَ (ذُهُوله) أَي الآخر (و) دَعْوَاهُ (إعراضه مَعَ بِنَاء الآخر أَو) دَعْوَاهُ إعراضه (مَعَ ذُهُوله) أَي الآخر (و) دَعْوَاهُ (ذُهُوله مَعَ بِنَاء الآخر أَو) دَعْوَاهُ ذُهُوله مَعَ (إعراضه) أَي الآخر وَقَوله وَالِاخْتِلَاف مُبْتَدأ خَبره (تِسْعَة، وكل) من الصُّور التِّسْعَة يركب (مَعَ دَعْوَى) الْعَاقِد (الآخر) وَهُوَ (إِحْدَى الثَّمَانِية الْبَاقِيَة) وَإِنَّمَا نقص عدم المضموم إِلَيْهِ بِوَاحِدَة وَهِي مُوَافقَة لما ضم إِلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي بَيَان صور الِاخْتِلَاف، فَإِذا ضربت التِّسْعَة فِي الثَّمَانِية (تمت) صور الِاخْتِلَاف الْحَاصِلَة من الضَّرْب (ثِنْتَيْنِ وَسبعين و) ضم إِلَيْهَا (سِتَّة الِاتِّفَاق) على مَا آنِفا، فمجموع صور الِاتِّفَاق

الصفحة 292