كتاب تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

إِذْ هُوَ وَسِيلَة إِلَى الْمَبِيع لَا مَقْصُود وَإِلَّا لزم إهدار الأَصْل لاعْتِبَار وَهُوَ بَاطِل انْتهى وَلَا يخفى أَنه يَصح هَذَا على تَقْدِير أَن يكون الْعَمَل بالمواضعة مستلزما تَرْجِيح الثّمن على الْمَبِيع وَهُوَ غير ظَاهر، اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُقَال: اعْتِبَار الزِّيَادَة فِي الثّمن رِعَايَة للْمَبِيع لكنه لَا يبْقى حِينَئِذٍ ارتباط تَامّ بَين الْحَاصِل وَمَا قبله فَتدبر (وَإِمَّا) أَن يتواضعا (فِي جنسه) أَي الثّمن بِأَن يتَّفقَا على إِظْهَار العقد بِمِائَة دِينَار مثلا وَيكون الثّمن فِي الْوَاقِع ألف دِرْهَم (فَالْعَمَل بِالْعقدِ اتِّفَاقًا فِي الْكل) أَي فِي جَمِيع صور الِاتِّفَاق وَالِاخْتِلَاف فِيمَا سبق (وَالْفرق لَهما) بَين الْهزْل فِي الْقدر وَالْجِنْس حَيْثُ قَالَا فِي الْقدر يعْمل بالمواضعة فِي الْبناء، وَفِي الْجِنْس يعْمل بِالْعقدِ فِيهِ (أَن الْعَمَل بالمواضعة مَعَ الصِّحَّة غير مُمكن هُنَا، لِأَن البيع يعْدم لعدم تَسْمِيَة بدل) فِيهِ، إِذْ هِيَ رُكْنه (وَبِاعْتِبَار الْمُوَاضَعَة يكون) الْبَدَل (ألفا وَلَيْسَ الْألف مَذْكُورا فِي العقد بل) الْمَذْكُور فِيهِ (مائَة دِينَار وَهِي غير الثّمن) فَلَا يُمكن تَصْحِيح العقد، فَإِن قيل فَلْيَكُن الْعَمَل بالمواضعة يَنْفِي تَصْحِيح العقد فَالْجَوَاب أَن الْعَمَل بهَا لَيْسَ التَّحْقِيق غرضهما مِنْهَا: وَهِي صِحَة العقد مَعَ الْبَدَل المتواضع عَلَيْهِ وَهُوَ غير مُمكن لما ذكر (بِخِلَافِهَا) أَي الْمُوَاضَعَة (فِي الْقدر) فَإِنَّهُ (يُمكن التَّصْحِيح) للْعقد المتواضع عَلَيْهِ (مَعَ اعتبارهما) أَي الْمُوَاضَعَة (فَإِنَّهُ ينْعَقد) البيع (بِالْألف الكائنة فِي ضمن الْأَلفَيْنِ) ثمَّ أَرَادَ أَن يبين جوابهما عَن قَول أبي حنيفَة أَنه يفْسد البيع بِالشّرطِ الْمَذْكُور فَقَالَ (والهزل بِالْألف الْأُخْرَى شَرط لَا طَالب لَهُ من الْعباد لَا تفاقهما على عدم ثمنيته) فوجوده كَعَدَمِهِ (وَلَا يفْسد) العقد بِهِ اذ كل شَرط لَا طَالب لَهُ من الْعباد غير مُفسد لعدم إفضائه إِلَى الْمُنَازعَة (كَشَرط أَن لَا يعلف الدَّابَّة) تعقب عَلَيْهِ صدر الشَّرِيعَة بِأَن الشَّرْط فِيمَا نَحن فِيهِ لأحد الْمُتَعَاقدين، لَكِن لَا يُطَالب للمواضعة وَهُوَ لَا يُفِيد الصِّحَّة كالرضا بالربا انْتهى، وَقد يُنَاقض أَيْضا بِأَنَّهُ رُبمَا تنَازع أَحدهمَا رُجُوعا مِنْهُ عَن الْمُوَاضَعَة فَلْيتَأَمَّل (وَأما فِيمَا لَا يحْتَملهُ) أَي النَّقْص لكَونه مِمَّا لَا يجْرِي فِيهِ الْفَسْخ وَالْإِقَالَة (مِمَّا لَا مَال فِيهِ كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْق) مجَازًا فيهمَا (وَالْعَفو) عَن الْقصاص (وَالْيَمِين وَالنّذر فَيصح) كل من هَذَا النَّوْع (وَيبْطل الْهزْل للرضا بِالسَّبَبِ الَّذِي هُوَ ملزوم للْحكم شرعا) فَلَا يمْنَع الْهزْل من العقد فَينْعَقد. ثمَّ بَين المُرَاد من السَّبَب بقوله (أَي الْعلَّة) وَسَنذكر مَا يُؤَيّدهُ من السّنة (وَلذَا) أَي لكَونه ملزوما للْحكم (لَا يحْتَمل شَرط الْخِيَار) لِأَنَّهُ يُفِيد التَّرَاخِي فِي الحكم، وَمن حكم هَذِه الْأَسْبَاب عدم التَّرَاخِي فِيهِ (بِخِلَاف قَوْلنَا الطَّلَاق الْمُضَاف) كَأَنْت طَالِق غَدا (سَبَب للْحَال فَإِنَّهُ) أَي السَّبَب (يَعْنِي بِهِ المفضي) إِلَى الْوُقُوع، لَا الْعلَّة وَلذَا لَا يسْتَند إِلَى وَقت الْإِيجَاب، وَجَاز تَأَخّر الحكم عَنهُ، وَلَو كَانَ عِلّة لاستند كَمَا فِي البيع بِخِلَاف الشَّرْط وَالْحَاصِل أَن الطَّلَاق الْمُنجز عِلّة ملزومة الحكم، فَإِذا أضيف صَار سَببا فَقَط، وَحَقِيقَة السَّبَب مَا يُفْضِي إِلَى الحكم إفضاء لَا يسْتَلْزم فِي الْحَال (وَمَا فِيهِ) المَال تبعا

الصفحة 294