كتاب تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

وَهُوَ مِمَّا يجْرِي فِيهِ النِّيَابَة نَاب القَاضِي مَنَابه فِيهِ خلافًا لأبي حنيفَة، وَالْفَتْوَى على قَوْلهمَا (وَمِنْهَا) أَي من المكتبة من نَفسه (السّفر) وَهُوَ لُغَة قطع المسافات، وَشرعا خُرُوج عَن مَحل الْإِقَامَة بِقصد مسيرَة ثَلَاثَة أَيَّام بسير وسط، وَهُوَ (لَا يُنَافِي أَهْلِيَّة الْأَحْكَام) وجوبا وَأَدَاء من الْعِبَادَات وَغَيرهَا (بل جعل سَببا للتَّخْفِيف) لِأَنَّهُ مَظَنَّة الْمَشَقَّة (فشرعت رباعيته) أَي مكتوباته الَّتِي هِيَ أَربع رَكْعَات فِي الْحَضَر (رَكْعَتَيْنِ ابْتِدَاء) لِأَنَّهَا كَانَت أَرْبعا ابْتِدَاء فأسقط مِنْهَا رَكْعَتَانِ كَمَا تقدم وَجهه فِي الرُّخْصَة (وَلما كَانَ) السّفر (اختياريا دون الْمَرَض) وَهُوَ أَيْضا من أَسبَاب التَّخْفِيف (فَارقه) أَي السّفر الْمَرَض فِي بعض الْأَحْكَام (فالمرخص إِذا كَانَ) مَوْجُودا (أول الْيَوْم) من أَيَّام رَمَضَان (فَترك) من وجد فِي حَقه المرخص (الصَّوْم) ذَلِك الْيَوْم (فَلهُ) التّرْك وَلَا يَأْثَم بِهِ (أَو صَامَ) صَحَّ صَوْمه، فَإِن أَرَادَ الْفطر بعد الشُّرُوع فِيهِ (فَإِن كَانَ) المرخص (الْمَرَض حل الْفطر أَو) كَانَ (السّفر فَلَا) يحل لَهُ الْفطر، لِأَن الضَّرَر فِي الْمَرَض مِمَّا لَا مدفع لَهُ، فَرُبمَا يتَوَهَّم قبل الشُّرُوع أَنه لَا يلْحقهُ الْمَرَض وَبعده يعلم لُحُوقه من حَيْثُ لَا مدفع لَهُ، بِخِلَاف الْمُسَافِر فَإِنَّهُ يتَمَكَّن من دفع الضَّرَر الدَّاعِي إِلَى الْإِفْطَار بِأَن لَا يُسَافر، كَذَا قَالَ الشَّارِح وَالصَّوَاب أَن يُقَال بِأَن يتْرك فِي مَكَان ترك، لِأَن الْمَفْرُوض أَن المرخص قد كَانَ مَوْجُودا فِي أول الْيَوْم، فقد تحقق السّفر قبل إِرَادَة الْفطر: وَمَعَ ذَلِك يسْتَشْكل إِن كَانَ بِحَيْثُ لَا يُمكنهُ النُّزُول لمَانع من خوف وَغَيره (إِلَّا أَنه لَا كَفَّارَة) على الْمُسَافِر (لَو أفطر) لتمكن الشُّبْهَة فِي وُجُوبهَا باقتران السّفر بِالْفطرِ (وَإِن وجد) المرخص (فِي أَثْنَائِهِ) أَي الْيَوْم (وَقد شرع) فِي صَوْمه (فَإِن طَرَأَ الْعذر ثمَّ الْفطر فَفِي الْمَرَض حل الْفطر لَا) فِي (السّفر) إِذْ تبين بعروض الْمَرَض أَن الصَّوْم لم يكن وَاجِبا عَلَيْهِ فِي هَذَا الْيَوْم، بِخِلَاف عرُوض السّفر فَإِنَّهُ أَمر اخْتِيَاري وَالْمَرَض ضَرُورِيّ. وَقد يُقَال كَذَلِك يتَبَيَّن بعروض السّفر أَن الصَّوْم لم يكن وَاجِبا فِي علم الله لعلمه أَنه يُسَافر فِي هَذَا الْيَوْم، وَلَا تَأْثِير لكَون الْعَارِض المرخص مَرضا فَتَأمل (وَفِي قلبه) وَهُوَ أَن يفْطر ثمَّ يطْرَأ الْعذر (لَا يحل) الْإِفْطَار لعدم الْعذر عِنْده (لَكِن لَا كَفَّارَة إِذا كَانَ الطَّارِئ الْمَرَض لِأَنَّهُ) أَي الْمَرَض (سماوي تبين بِهِ عدم الْوُجُوب) وَالْكَلَام فِيهِ قد سبق (وَتجب) الْكَفَّارَة (فِي السّفر، لِأَنَّهُ بِاخْتِيَارِهِ وتقررت) الْكَفَّارَة (قبله) أَي السّفر بإفطار يَوْم وَاجِب من غير اقتران شُبْهَة حَتَّى لَو كَانَ السّفر خَارِجا عَن اخْتِيَاره بِأَن أكرهه السُّلْطَان على السّفر فِيهِ سَقَطت عَنهُ أَيْضا فِي رِوَايَة الْحسن عَن أبي حنيفَة كَذَا فِي الْخَانِية (وَيخْتَص ثُبُوت رخصه) أَي السّفر من قصر الرّبَاعِيّة وَفطر رَمَضَان وَغَيرهمَا (بِالشُّرُوعِ فِيهِ) أَي فِي السّفر (قبل تحَققه لِأَنَّهُ) أَي تحَققه (بامتداده) أَي السّفر (ثَلَاثَة

الصفحة 303