كتاب تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

أَي لقِيَام الذِّمَّة (وَالْعقل) وَالْبُلُوغ (وَلِأَن مَا أكره عَلَيْهِ قد يفترض) فعله (كالإكراه بِالْقَتْلِ على الشّرْب) للمسكر وَلَو خمرًا (فيأثم بِتَرْكِهِ) أَي بترك شربه عَالما بِسُقُوط حرمته كَمَا سَيَأْتِي لإباحته فِي حَقه بقوله تَعَالَى - {إِلَّا مَا اضطررتم إِلَيْهِ} - وَتَنَاول الْمُبَاح عِنْد الْإِكْرَاه فرض (و) قد (يحرم كعلي) أَي كَالْقَتْلِ وَالْإِكْرَاه على (قتل مُسلم ظلما فيؤجر على التّرْك) أَي على ترك قَتله (كعلي إِجْرَاء كلمة الْكفْر) أَي كَمَا يُؤجر على ترك إجرائها على لِسَانه عِنْد الْإِكْرَاه عَلَيْهِ (بِخِلَاف الْمُبَاح كالإفطارل) لصائم (الْمُسَافِر) فِي رَمَضَان، فَإِنَّهُ لَا يُؤجر على التّرْك بل يَأْثَم لصيرورته فرضا بِالْإِكْرَاهِ كَمَا سبق، فَمَا أكره عَلَيْهِ فرض، ومباح، ورخصة، وَحرَام: ويؤجر على التّرْك فِي الْحُرْمَة والرخصة، وَيَأْثَم فِي الْفَرْض والمباح. وَالْمرَاد بِالْإِبَاحَةِ جَوَاز الْفِعْل، وَلَو تَركه وصبر حَتَّى قتل لم يَأْثَم وَلم يُؤجر، وبالرخصة جَوَاز الْفِعْل، وَلَو تَركه وصبر حَتَّى قتل يُؤجر لعمله بالعزيمة، فَلم يرد أَنه ان أُرِيد بالاباحة جَوَاز الْفِعْل وَعدم الاثم بِالْقَتْلِ على تَقْدِير التّرْك وَالصَّبْر فَهُوَ معنى الرُّخْصَة، وَأَن أُرِيد أَنه يَأْثَم على ذَلِك التَّقْدِير فَهُوَ معنى الْفَرْض (وَلَا يُنَافِي الِاخْتِيَار) لِأَنَّهُ حمل للْفَاعِل على أَن يخْتَار مَا لَا يرضاه (بل الْفِعْل عَنهُ) أَي الْإِكْرَاه (اخْتِيَار أخف المكروهين) عِنْد الْفَاعِل من الْمُكْره بِهِ وَالْمكْره عَلَيْهِ (ثمَّ أصل الشَّافِعِي) أَي مَا يبْنى عَلَيْهِ الْأَحْكَام فِي بَاب الْإِكْرَاه (أَنه) أَي الْإِكْرَاه الحكم مَا كَانَ مِنْهُ (بِغَيْر حق إِن كَانَ) الْإِكْرَاه فِيهِ (عذرا شرعا بِأَن يَجْعَل الشَّارِع للْفَاعِل الْإِقْدَام) على الْفِعْل (قطع) الْإِكْرَاه (الحكم) أَي حكم الْمُكْره عَلَيْهِ (عَن فعل الْفَاعِل قَول أَو عمل) عطف بَيَان لفعله لدفع توهم اخْتِصَاص الْفِعْل بِالْعَمَلِ، إِذْ القَوْل فعل اللِّسَان (لِأَن صِحَة القَوْل) يكون (بِقصد الْمَعْنى و) صِحَة (الْعَمَل بِاخْتِيَارِهِ) أَي الْعَمَل (وَهُوَ) أَي الْإِكْرَاه (يفسدهما) أَي الْقَصْد وَالِاخْتِيَار، وَالْإِكْرَاه دَلِيل على أَن الْمُكْره إِنَّمَا فعل لدفع الضَّرَر عَن نَفسه، لَا لِأَنَّهُ يَقْصِدهُ أَو يختاره (وَأَيْضًا نِسْبَة الْفِعْل إِلَيْهِ) أَي الْفَاعِل (بِلَا رِضَاهُ إِلْحَاق الضَّرَر بِهِ) وَهُوَ غير جَائِز، لِأَنَّهُ مَعْصُوم مُحْتَرم الْحُقُوق (وعصمته) أى الْفَاعِل (تَدْفَعهُ) أى الضَّرَر عَنهُ بِدُونِ رِضَاهُ لِئَلَّا يفوت حَقه بِغَيْر اخْتِيَاره. ثمَّ اذا قطع الْفِعْل عَن الْفَاعِل (إِن أمكن نسبته) أَي الْفَاعِل (إِلَى الْحَامِل) وَهُوَ الْمُكْره، وَإِنَّمَا يُمكن نسبته إِلَيْهِ إِذا أمكن أَن يباشره بِنَفسِهِ، وَذَلِكَ فِي الْأَفْعَال، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (كعلى إِتْلَاف المَال) أَي كَمَا إِذا حمله على إِتْلَافه فَإِنَّهُ يُمكن أَن يُبَاشر الْحَامِل بِنَفسِهِ الْإِتْلَاف (نسب) الْفِعْل (إِلَيْهِ) أَي الْحَامِل، فَيُؤْخَذ بِهِ وَيجْعَل الْفَاعِل آلَة للحامل (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يُمكن نسبته إِلَى الْحَامِل لعدم إِمْكَان مُبَاشَرَته بِنَفسِهِ (بَطل) الْفِعْل بِالْكُلِّيَّةِ، وَلَا يُؤَاخذ بِهِ أحد (كعلى الْأَقْوَال) أَي كَمَا إِذا حمله على قَول من الْأَقْوَال من (إِقْرَار وَبيع وَغَيرهمَا) كَمَا سيتضح (وَإِن لم يكن)

الصفحة 308