كتاب تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

مقتصر على الْفَاعِل، وَلَا يمْتَنع ثُبُوته لغير من عَلَيْهِ الضَّمَان كَمَا فِي الرُّجُوع عَن الشَّهَادَة على الْعتْق فَإِنَّهُ يجب الضَّمَان على الشُّهُود، وَالْوَلَاء للْمَشْهُود عَلَيْهِ، لِأَن الْوَلَاء كالنسب، وَلَا سِعَايَة على العَبْد، لِأَن الْعتْق نفذ فِيهِ من جِهَة مَالِكه (بِخِلَاف مَا لم يتْلف) عَلَيْهِ مَا لَا (كعلى) أَي الْإِكْرَاه على (قبُولهَا) أَي على قبُول الزَّوْجَة (المَال فِي الْخلْع) وَهِي مدخوله (إِذْ يَقع) الطَّلَاق إِذا قبلت (وَلَا يلْزمهَا) المَال، لِأَن الْإِكْرَاه قاصرا كَانَ أَو كَامِلا يعْدم الرِّضَا بِالسَّبَبِ وَالْحكم جَمِيعًا، وَالطَّلَاق غير مفتقر إِلَى الرِّضَا، والتزام المَال مفتقر إِلَيْهِ. وَقد انْعَدم (بِخِلَافِهِ) أَي الْإِكْرَاه (فِي الزَّوْج) بِأَن يكرههُ على أَن يخلعها على مَال فَقبلت غير مُكْرَهَة فَإِنَّهُ (يَقع الْخلْع) لِأَنَّهُ من جَانِبه طَلَاق، وَالْإِكْرَاه لَا يمْنَع وُقُوعه (ويلزمها) المَال لِأَنَّهَا التزمته طَائِعَة بِإِزَاءِ مَا سلم لَهَا من الْبَيْنُونَة (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يكن قولا لَا يَنْفَسِخ (فسد) ذَلِك القَوْل، فَلَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ الحكم (كَالْبيع) وَالْإِجَارَة فَإِنَّهُ ينْعَقد فَاسِدا، لِأَنَّهُ لَا يمْنَع انْعِقَاده لصدوره من أَهله فِي مَحَله، وَيمْنَع نفاذه لِانْعِدَامِ شَرط النَّفاذ وَهُوَ الرِّضَا، فَلَو أجَازه بعد زَوَال الْإِكْرَاه صَرِيحًا أَو دلَالَة صَحَّ كَمَا فِي البيع بِشَرْط أجل فَاسد أَو خِيَار فَاسد، فَإِنَّهُ إِذا سقط قبل تَقْرِيره صَحَّ (والأقارير) بِمَا لَا يحْتَمل الْفَسْخ، وَمَا لَا يحْتَملهُ من الماليات وَغَيرهَا، لِأَن صِحَّتهَا تعتمد على قيام الْمخبر بِهِ وثبوته سَابِقًا على الْإِقْرَار، وَإِذا لم يكن فِيهِ تُهْمَة ترجح صدقه فَيحكم بِهِ وَإِلَّا لم يرجح فَلم يعْتَبر، وَالْإِكْرَاه قَامَ قرينَة لعدم صدقه، ودلالته على عدم الصدْق راجحة على دلَالَة حَال الْمُؤمن على الصدْق كَمَا لَا يخفى (مَعَ اقتصارها) أَي الأقارير (عَلَيْهِ) أَي الْمقر أَيْضا لعدم صلاحيته لكَونه آلَة للمكره (أَو فعل لَا يحْتَمل كَون الْفَاعِل آلَة) للحامل عَلَيْهِ (كَالزِّنَا وَأكل رَمَضَان، وَشرب الْخمر) بملجئ، إِذْ لَا يتَصَوَّر كَون الشَّخْص واطئا بِآلَة غَيره أَو آكلا أَو شاربا بِفَم غَيره، وَمَا كَانَ كَذَلِك (اقْتصر) حكمه (عَلَيْهِ) أَي الْفِعْل (وَلَزِمَه حكمه) فَلَو أكره صَائِم صَائِما على الْأكل فسد صَوْم الْآكِل لَا غير (إِلَّا الْحَد) فَإِنَّهُ لَا يجب على الْفَاعِل أَيْضا، فَلَو أكرهه صَائِم على الزِّنَا لَا يجب بِهِ الْحَد على أَحدهمَا (وَأما من حَيْثُ هما) أى الْأكل وَالشرب (إِتْلَاف فاختلفت الرِّوَايَات فِي لُزُومه الْفَاعِل أَو الْحَامِل). ففى الْخُلَاصَة وَغَيرهَا أكره على مَال الْغَيْر، فَالضَّمَان على الْمَحْمُول لَا الْحَامِل وان صلح آله لَهُ من حَيْثُ الْإِتْلَاف كَمَا فِي الْإِكْرَاه على الْإِعْتَاق، لِأَن مَنْفَعَة الْأكل حصلت للمحمول، فَكَانَ كالإكراه على الزِّنَا يجب الْعقر عَلَيْهِ بانتفاعه بِالْوَطْءِ، بِخِلَاف الْإِكْرَاه على الْإِعْتَاق حَيْثُ وَجب الضَّمَان على الْحَامِل لِأَن الْمَالِيَّة تلفت بِلَا مَنْفَعَة للمحمول. وَفِي الْمُحِيط أكره على أكل طَعَام غَيره يجب الضَّمَان على الْحَامِل وَإِن كَانَ الْمَحْمُول جائعا وحصلت لَهُ منفعَته، لِأَن الْمَحْمُول أكل طَعَام الْحَامِل بِإِذْنِهِ: لِأَن الْإِكْرَاه على الْأكل

الصفحة 310