كتاب تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

أَعنِي الْمَعْنى الْمجَازِي وَالشَّيْء الْمَدْلُول عَلَيْهِ بَيِّنَة مَقْرُونا بِمَا يستلزمه ويوضحه (بِنَاء على أَن الِانْتِقَال إِلَى الْمَعْنى الْمجَازِي دَائِما من الْمَلْزُوم) وَهُوَ الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ إِلَى اللَّازِم كالانتقال من الْغَيْث الى النبت (ولزومه) أى لُزُوم الِانْتِقَال فِيهِ دَائِما من الْمَلْزُوم الى اللَّازِم (تكلّف) وَفِي نُسْخَة مصححة " وَإِنَّمَا يتَحَقَّق بتكلف " وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُرَاد باللزوم الِانْتِقَال فِي الْجُمْلَة سَوَاء كَانَ هُنَاكَ لُزُوم عَقْلِي حَقِيقِيّ، أَو عادي أَو اعتقادي أَو ادعائي (وَهُوَ) أَي التَّكَلُّف الْمَذْكُور (مُؤذن بحقية انتفائه) أَي انْتِفَاء لُزُوم الِانْتِقَال الْمَذْكُور الْمُسْتَند إِلَيْهِ الأبلغية الْمَذْكُورَة (مَعَ أَنه إِنَّمَا يلْزم) هَذَا التَّرْجِيح (فِي) اللُّزُوم (التحقيقي لَا الادعائي وَأما الأوجزية) أَي وَأما تَرْجِيح الْمجَاز على الْمُشْتَرك بِأَن الْمجَاز أوجز فِي اللَّفْظ من الْحَقِيقَة، فَإِن أسدا يقوم مقَام رجل شُجَاع (والأخفية) أَي وَبِأَن الْمجَاز أخف لفظا من الْحَقِيقَة كالحادثة والخنفقيق للداهية (والتوصل إِلَى السجع) أَي وَبِأَن الْمجَاز أخف لفظا من الْحَقِيقَة كَمَا يتَوَصَّل بِهِ إِلَى تواطؤ الفاصلتين من النثر على الْحَرْف الآخر نَحْو الْحمار ثرثار إِذا وَقعا فِي أَوَاخِر القوافي بِخِلَاف بليد ثرثار: أَي كثير الْكَلَام (والطباق) أَي وَبِأَنَّهُ يتَوَصَّل بِهِ إِلَى الْجمع بَين مَعْنيين مُتَقَابلين فِي الْجُمْلَة أَو مَا هُوَ مُلْحق بِهِ نَحْو:
(لَا تعجبي يَا سلم من رجل ... ضحك المشيب بِرَأْسِهِ فَبكى)

فَضَحِك مجَاز عَن ظهر، وَلَو ذكره مَكَانَهُ لفات هَذَا التحسين البديعي (والجناس) أَي وَبِأَن يتَوَصَّل بِهِ إِلَى تشابه اللَّفْظَيْنِ لفظا مَعَ تغايرهما معنى (والروي) وَبِأَن يتَوَصَّل بِهِ إِلَى الْمُحَافظَة على الْحَرْف الَّذِي تبنى عَلَيْهِ القصيدة (فمعارض بِمثلِهِ فِي الْمُشْتَرك) فقد يكون أوجز وأخف كَالْعَيْنِ للجاسوس أَو للينبوع ويتوصل بِهِ إِلَى السجع والروي نَحْو: لَيْث مَعَ غيث دون أَسد، والمطابقة نَحْو حسننا خير من خياركم والجناس نَحْو: رحبة رحبة، بِخِلَاف وَاسِعَة، كَذَا ذكره الشَّارِح، وَلَا يخفى مَا فِيهِ، فَالْوَجْه أَن يُعَارض بنكات أخر مُخْتَصَّة بالمشترك كَمَا فِي الشَّرْح العضدي (ويترجح) الْمُشْتَرك (بالاستغناء عَن العلاقة وَمُخَالفَة الظَّاهِر وَهُوَ) أَي الظَّاهِر (الْحَقِيقَة، وَهَذَا) أَي كَون الْحَقِيقَة هُوَ الظَّاهِر (إِن عمم فِي غير الْمُنْفَرد) وَهُوَ الْمُشْتَرك (فَمَمْنُوع) لِأَن الْمُشْتَرك حَقِيقَة وَلَيْسَ بِظَاهِر فِي شَيْء من مَعَانِيه إِلَّا بِقَرِينَة (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يعمم فِيهِ (لَا يُفِيد) لِأَن الْكَلَام فِيهِ (و) أَيْضا ترجح الْمُشْتَرك بالاستغناء (عَن ارْتِكَاب الْغَلَط) يَعْنِي أَن الْحمل على الِاشْتِرَاك مخلص عَن ارْتِكَاب احْتِمَال الْغَلَط (للتوقف) أَي لتوقف الْمُخَاطب عَن تعْيين المُرَاد مِنْهُ (لعدمها) أَي عِنْد عدم الْقَرِينَة الْمعينَة لأحد معنييه، والغلط إِنَّمَا يَقع فِي التَّعْيِين، وَهَذَا على رَأْي من لَا يعممه فِي مفاهيمه، وَأما عِنْد المعمم فَحكمه مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله (أَو للتعميم) يَعْنِي اسْتغْنَاء عَن ارْتِكَاب

الصفحة 33