كتاب تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

إِلَى الْحَقِيقِيّ والمجازي (بِوَضْع) أَي بوساطة علاقَة الْوَضع بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا وضع لَهُ (و) بوساطة قرينه) دَالَّة على إِرَادَة الْمجَازِي مَعَ الْحَقِيقِيّ (فَقَوْل بعض الْحَنَفِيَّة) على مَا نقل عَن كثير مِنْهُم (يَسْتَحِيل) الْجمع بَينهمَا (كَالثَّوْبِ) الْوَاحِد يَسْتَحِيل أَن يكون (ملكا وعارية فِي وَقت) وَاحِد (تهافت) أَي تساقط (إِذْ ذَاك) أَي اسْتِحَالَة كَون الشَّيْء الْوَاحِد ظرفا لجسمين مُخْتَلفين مالئا لكل مِنْهُمَا إِيَّاه إِنَّمَا يكون (فِي الظّرْف الْحَقِيقِيّ) وَاللَّفْظ لَيْسَ بظرف حَقِيقِيّ للمعنى، وَإِنَّمَا يُقَال الْمَعْنى فِي اللَّفْظ تَنْزِيلا لَهُ منزلَة الظّرْف بِضَرْب من التَّشْبِيه وإلحاق الْمَعْقُول بالمحسوس فِي حكم يتَوَقَّف على وجود عِلّة جَامِعَة، وَهِي مَقْصُودَة هَهُنَا. وَقَول الشَّارِح هَهُنَا كَالثَّوْبِ الْوَاحِد يَسْتَحِيل أَن يكون على اللابس الْوَاحِد ملكا وعارية فِي مَحَله لعدم كَون اللَّفْظ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَعْنى الْوَاحِد حَقِيقَة ومجازا حَتَّى يكون نظرا لما قَالَ، وَإِنَّمَا ذكر المُصَنّف الْملك وَالْعَارِية ليدل على تعدد اللابس الْمَالِك وَالْمُسْتَعِير (لَا يُقَال) الْمَعْنى (الْمجَازِي يسْتَلْزم معاند) الْمَعْنى (الْحَقِيقِيّ) فيستحيل اجْتِمَاعهمَا، فأعني بالمعاند (قرينَة عدم إِرَادَته) أَي الْحَقِيقِيّ (لِأَنَّهُ) أَي ادِّعَاء الاستلزام الْمَذْكُور (بِلَا مُوجب) لَهُ (بل ذَاك) أَي استلزامه إِيَّاه (عِنْد عدم قصد التَّعْمِيم، أما مَعَه) أَي مَعَ قصد التَّعْمِيم بِهِ (فَلَا يُمكن) وجود قرينَة عدم إِرَادَة الْحَقِيقِيّ (نعم يلْزم عقلا كَونه) أَي اللَّفْظ (حَقِيقَة ومجازا فِي اسْتِعْمَال وَاحِد وهم) أَي المصححون عقلا (ينفونه) أَي كَون اللَّفْظ حَقِيقَة ومجازا مَعًا، (لَا يُقَال بل) هُوَ (مجَاز للمجموع) فِي التَّلْوِيح، بل يَجعله مجَازًا قَطْعِيا لكَونه مُسْتَعْملا فِي الْمَجْمُوع الَّذِي هُوَ غير الْمَوْضُوع لَهُ (لِأَنَّهُ) أَي اللَّفْظ (لكل) من الْحَقِيقِيّ والمجازي (إِذْ كل) مِنْهُمَا (مُتَعَلق الحكم لَا الْمَجْمُوع) يرد عَلَيْهِ أَنه أَرَادَ بِنَفْي كَون الْمَجْمُوع مُتَعَلق الحكم عدم تعلقه بالمجموع من حَيْثُ هُوَ مَجْمُوع فَهُوَ لَا يسْتَلْزم عدم كَون الْمَجْمُوع مُسْتَعْملا فِيهِ إِذْ كل عَام مُسْتَغْرق لأفراده بِحَيْثُ ينشأ الحكم لكل مِنْهُمَا لَا يتَعَلَّق حكمه بِمَجْمُوع أَفْرَاده من حَيْثُ هُوَ مَجْمُوع مَعَ أَنه لَا شكّ فِي أَنه مُسْتَعْمل فِي الْمَجْمُوع وَإِن أَرَادَ بِهِ عدم تعلقه بِكُل فَرد من الْمَجْمُوع فَهُوَ بِخِلَاف مَا يَقُوله المعمم فَإِنَّهُ يَقُول بِثُبُوت الحكم لكل فَرد من الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ والمجازي (لَكِن نفيهم) أَي الْحَنَفِيَّة جَوَاز الْجمع بَينهمَا (غير عَقْلِي) وَإِنَّمَا هُوَ لغَوِيّ إِذْ الْعقل لَا يَنْفِي ذَلِك وَإِن نَفَاهُ الِاسْتِعْمَال اللّغَوِيّ (بل يَصح عقلا) أَي يسْتَعْمل فيهمَا مَعًا (حَقِيقَة لإِرَادَة الْحَقِيقِيّ ومجازا لنحوه) أَي لنَحْو مَا ذكر: يَعْنِي لإِرَادَة الْمَعْنى الْمجَازِي (وَلنَا فِي الثَّانِي) أَي نفي صِحَّته لُغَة (تبادر) الْمَعْنى (الوضعي فَقَط) من غير أَن يُشَارِكهُ غَيره فِي التبادر عِنْد إِطْلَاق اللَّفْظ، هَذَا عَلامَة كَونه مُقْتَضى الْوَضع (يَنْفِي غير الْحَقِيقِيّ) وَهُوَ الْمَجْمُوع الْمركب من الْحَقِيقِيّ والمجازي

الصفحة 38