كتاب تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

الَّذِي هُوَ الْمَدْلُول الالتزامي على مَا بَيناهُ (يُنَافِيهِ إِرَادَة الْأَخَص) لِأَن إِرَادَة الْأَخَص تَسْتَلْزِم إِرَادَة الْأَعَمّ، وَلَو فِي ضمن الْأَخَص لَا يُقَال يجوز أَن يخْطر التَّحْرِيم غير مُرَاد فِي ضمن النّذر، ثمَّ يَجْعَل وَسِيلَة للتَّحْرِيم الملحوظ مرَادا أَو قصدا لِأَن الملحوظ بالتبع من حَيْثُ هُوَ ملحوظ بالتبع لَا يصلح لِأَن يكون وَسِيلَة للمقصد بِالذَّاتِ: إِذْ الْوَسِيلَة لَا بُد أَن تجْعَل آلَة لملاحظته، وَعند ذَلِك يلْزم الْقَصْد إِلَيْهِ فَتدبر، وَقد يُقَال: الْمَنْفِيّ الْإِرَادَة من اللَّفْظ وَهُوَ لَا يُنَافِي أصل الْإِرَادَة فَتَأمل (وَظَاهر) كَلَام (بَعضهم إِرَادَته) أَي معنى الْيَمين (بِالْمُوجبِ) أَي بِمُوجب النّذر بِفَتْح الْجِيم (بِعَيْنِه) لَا بلازمه على مَا ذكر (إِلْحَاقًا لإِيجَاب الْمُبَاح) الَّذِي هُوَ معنى النّذر (بتحرميه) أَي بِتَحْرِيم الْمُبَاح الَّذِي هُوَ معنى الْيَمين (فِي الحكم وَهُوَ) أَي الحكم (لُزُوم الْكَفَّارَة) بِالْحلف، (وَيَتَعَدَّى اسْم الْيَمين) إِلَى مَا ألحق بِهِ (ضمنه) أَي فِي ضمن هَذَا الْإِلْحَاق بالتبع (لَا لتعدية الِاسْم ابْتِدَاء) فَإِنَّهُ غير جَائِز، نقل الشَّارِح عَن المُصَنّف أَنه فِيهِ نظر أَيْضا، لِأَن إِرَادَة الْإِيجَاب على أَنه يَمِين إِرَادَته على وَجه يستعقب الْكَفَّارَة بِالْحلف وإرادته على أَنه ندر إِرَادَته على وَجه لَا يستعقبها بِهِ، بل الْقَضَاء فبينهما تناف انْتهى: يَعْنِي فيكف يُرَاد معنى الْيَمين بِمُوجب النّذر، وَيجْعَل لله عَليّ صَوْم كَذَا بنية الْيَمين مَعَ النّذر يَمِينا ونذرا (وشمس الْأَئِمَّة) السَّرخسِيّ ذهب إِلَى أَنه (أُرِيد الْيَمين بِاللَّه) لِأَن قَوْله لله بِمَنْزِلَة بِاللَّه (و) أُرِيد (النّذر بعلي أَن أَصوم رَجَب) (وَجَوَاب الْقسم) حِينَئِذٍ (مَحْذُوف مَدْلُول عَلَيْهِ بِذكر الْمَنْذُور) أَي (كَأَنَّهُ قَالَ لله لأصومن وَعلي أَن أَصوم) رَجَب (وعَلى هَذَا لَا يرادان) النّذر وَالْيَمِين (بِنَحْوِ عَليّ أَن أَصوم) لعدم وجود مَا يُرَاد بِهِ الْيَمين فِيهِ، وعَلى مَا قبله وَهُوَ لله عَليّ أَن أَصوم يرادان لوُجُود مَا يُرَاد بِهِ الْيَمين وَهُوَ لله، وَمَا يُرَاد بِهِ النّذر، وَهُوَ عَليّ أَن أَصوم غير أَنه لَيْسَ من الْجمع بَين الْحَقِيقَة وَالْمجَاز لِأَنَّهُمَا لم يرادا بِلَفْظ وَاحِد (وَالْأَوْجه أَن يكون الْمَعْنى (وعَلى مَا قبله) من الْأَقْوَال السَّابِقَة (يرادان) بعلي أَن أَصوم ليظْهر التَّفَاوُت بَين قَوْله وَقَوْلهمْ بِاعْتِبَار المُرَاد كَمَا بَين التَّفَاوُت بَين قَوْله وَقَول الْبَعْض بِاعْتِبَار آخر بقوله (وَهَذَا) الَّذِي ذهب إِلَيْهِ السَّرخسِيّ (يُخَالف الأول) أَي أول الْأَقْوَال (باتحاد الْمَنْذُور والمحلوف) فِيهِ فَإِنَّهُ فِيهِ ناذر للصيام حَالف عَلَيْهِ (وَالْأول) لَيْسَ كَذَلِك، بل فِيهِ (الْمَحْلُوف تَحْرِيم التّرْك والمنذور الصَّوْم) قَالَ الشَّارِح فِيمَا ذكره السَّرخسِيّ نظر لِأَن اللَّام إِنَّمَا تكون للقسم إِذا كَانَت للتعجب أَيْضا كَمَا صرح بِهِ النحويون عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا " دخل آدم الْجنَّة فَللَّه مَا غربت الشَّمْس حَتَّى خرج " وَمَا أُجِيب بِهِ من أَن نذر الْإِنْسَان وإيجابه على نَفسه صَالح لِأَن يتعجب مِنْهُ فَمَا يتعجب مِنْهُ انْتهى، وَلَعَلَّ المُصَنّف لم يتَعَرَّض لهَذَا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَمْر لَازم من حَيْثُ النَّحْو: كَيفَ وَبَاب الِاسْتِعَارَة وَاسع

الصفحة 43