كتاب تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

مِنْهَا سَبَب لزوَال ملك الرَّقَبَة (فصح الْعتْق) أَي فِي إِطْلَاقه مجَازًا (للطَّلَاق) حَتَّى لَو قَالَ لامْرَأَته أَعتَقتك وَنوى الطَّلَاق بِهِ وَقع، وَإِنَّمَا احْتَاجَ إِلَى النِّيَّة لتعيين الْمجَاز (وَالْبيع وَالْهِبَة) مجَازًا (للنِّكَاح) لِأَن كلا مِنْهُمَا سَبَب مفض لملك الْمُتْعَة (وَمنع الشَّافِعِي هَذَا) التَّجَوُّز بهما عَنهُ (لانْتِفَاء) العلاقة (المعنوية) بَينه وَبَينهمَا (لَا يَنْفِي غَيرهمَا) وَهُوَ السَّبَبِيَّة الْمَحْضَة الَّتِي هِيَ أحد نَوْعي العلاقة الصورية (وَلَا عكس) أَي لَا يتجوز بالمسبب عَن السَّبَب (خلافًا لَهُ) أَي للشَّافِعِيّ فَإِنَّهُ جوزه (فصح عِنْده الطَّلَاق) مجَازًا (لِلْعِتْقِ لشمُول الْإِسْقَاط) فيهمَا لِأَن فِي الْإِعْتَاق إِسْقَاط ملك الرَّقَبَة، وَفِي الطَّلَاق إِسْقَاط ملك الْمُتْعَة والاتصال الْمَعْنَوِيّ علاقَة مجوزة للمجاز (وَالْحَنَفِيَّة تَمنعهُ) أَي التَّجَوُّز بِالطَّلَاق عَن الْعتْق (والمجوز) للتجوز الْمَعْنى الْمُشْتَرك بَين المتجوز بِهِ والمتجوز عَنهُ على وَجه يكون المتجوز عَنهُ أقوى مِنْهُ فِي المتجوز، كَذَا ذكره الشَّارِح، وَهُوَ غير تَعْلِيل المُصَنّف ويناسب مَا ذكر فِي الْبَيَان من إِلْحَاق النَّاقِص بالكامل، وَأما اعْتِبَاره فِي الْأُصُول فَغير مَعْلُوم، وَقد بَين المُصَنّف المجوز بقوله (الْمَشْهُور الْمُعْتَبر) أَي الثَّابِت اعْتِبَاره عَن الْوَاضِع نوعا بِاسْتِعْمَالِهِ اللَّفْظ بِاعْتِبَار جزئي من جزئياته أَو ينْقل اعْتِبَاره عَنهُ (وَلم يثبت) التَّجَوُّز (بالفرع) يَعْنِي الْمُسَبّب عَن الأَصْل وَهُوَ السَّبَب (بل) ثَبت (بِالْأَصْلِ) عَن الْفَرْع (إِذا لم يجيزوا الْمَطَر للسماء بِخِلَاف قلبه) أَي أَجَازُوا السَّمَاء للمطر فَنقل عَنْهُم " مَا زلنا نَطَأ السَّمَاء حَتَّى أَتَيْنَاكُم " أَي الْمَطَر (مَعَ اشتراكهما) أَي السَّبَب والمسبب (فِي) الِاتِّصَال (الصُّورِي فَلَا يَصح طَالِق أَو بَائِن أَو حرَام لِلْعِتْقِ) عِنْد أَصْحَابنَا (إِلَّا أَن يخْتَص) الْمُسَبّب (بِالسَّبَبِ) بِأَن لَا يُوجد بِدُونِهِ (فكالمعلفول) أَي فَيجوز التَّجَوُّز بِكُل مِنْهُمَا عَن الآخر فِي الْعلَّة والمعلول لِأَنَّهُمَا يصيران حِينَئِذٍ فِي مَعْنَاهُمَا كالنبت للغيب وَبِالْعَكْسِ.

مسئلة
(الْمجَاز خلف) عَن الْحَقِيقَة (اتِّفَاقًا) بِمَعْنى أَن الْحَقِيقَة هِيَ الأَصْل الرَّاجِح الْمُقدم فِي الِاعْتِبَار، وَإِنَّمَا الْخلاف فِي جِهَة الخلفية (فَأَبُو حنيفَة) يَقُول هُوَ خلف عَنْهَا (فِي التَّكَلُّم) فِي التَّوْضِيح فبعض الشَّارِحين فسروه بِأَن لفظ هَذَا ابْني خلف عَن لفظ هَذَا حر، فَيكون التَّكَلُّم بِاللَّفْظِ الَّذِي يُفِيد هَذَا الْمَعْنى بطرِيق الْمجَاز خلفا عَن التَّكَلُّم بِاللَّفْظِ الَّذِي يفِيدهُ بطرِيق الْحَقِيقَة، وَبَعْضهمْ فسره بِأَن لفظ هَذَا الْمَعْنى ابْني إِذا أُرِيد بِهِ الْحُرِّيَّة خلف عَن لفظ هَذَا الْمَعْنى ابْني، اذا أُرِيد بِهِ الْبُنُوَّة، وَفِيه أَيْضا أَن الْخلف مَا يقوم مقَام الأَصْل، وَأَن الأَصْل إِذا كَانَ صَحِيحا لفظا أَو حكما كَانَ الْخلف كَذَلِك، وَأَن الْوَجْه الثَّانِي أليق، لِأَن الْخلاف حِينَئِذٍ لَا يكون إِلَّا فِي وَجه

الصفحة 46