كتاب تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

ثمَّ قَالَ وَيَنْبَغِي أَن يُقَال على مَا هُوَ أَعم من الاغتراف (وَالْأَوْجه أَن تَعْلِيق الشّرْب بهَا) أَي بالبئر (على حذف مُضَاف) أَي من مَائِهَا (فَهِيَ) أَي الْبِئْر (حَقِيقَة) والحنث بالكرع لتحَقّق الشّرْب من مَاء الْبِئْر فِيهِ، وَذكر الشَّارِح وَجها آخر، وَهُوَ التَّجَوُّز باسم الْمحل عَن الْحَال، وَجعله أوجه لأكثرية مجَاز العلاقة بِالنِّسْبَةِ إِلَى مجَاز الْحَذف، ثمَّ قَالَ وأياما كَانَ يلْزم تَرْجِيح الْحِنْث بالكرع وَإِن كَانَت غير ملأى انْتهى، وَأَنت خَبِير بِأَن مجَاز الْحَذف فِي التَّحْقِيق حَقِيقَة كَمَا تقدم، والحقيقة خير من الْمجَاز إِذا لم يكن صَارف (وَمِنْه) أَي من لُزُوم الْمجَاز للهجر عَادَة حلفه (لَا يضع قدمه) فِي دَار فلَان فَإِنَّهُ مجَاز (عَمَّا تقدم) وَهُوَ دُخُولهَا على مَا أوضحه ثمَّة (و) للهجر (شرعا) حلفه (لينكحن أَجْنَبِيَّة فَلَا يَحْنَث بِالزِّنَا إِلَّا بنيته) أَي بنية الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ الَّذِي هُوَ الْوَطْء: إِذْ كالمهجور شرعا كالمجهور عرفا لمنع الْعقل وَالدّين مِنْهُ ظَاهرا، وَإِنَّمَا يَحْنَث بِالْعقدِ كَمَا تقدم، ثمَّ أَن الْمَوْجُود فِي نُسْخَة الشَّارِح وَغَيرهَا مِمَّا رَأَيْته لينكحن وَالظَّاهِر أَنه سَهْو من النَّاسِخ وَالصَّوَاب لَا ينكحن (وَالْخُصُومَة فِي التَّوْكِيل بهَا) أَي بِالْخُصُومَةِ، لِأَن حَقِيقَتهَا وَهِي الْمُنَازعَة مهجورة شرعا فِيمَا عرف الْخصم فِيهِ محقا لِأَنَّهَا حرَام لقَوْله تَعَالَى - {وَلَا تنازعوا} - وَغَيره فَهِيَ (للجواب) مجَازًا إطلاقا لاسم السَّبَب على الْمُسَبّب (عِنْد القَاضِي) لَا غير لِأَن إِقْرَاره إِنَّمَا يَصح بِاعْتِبَار أَنه جَوَاب الْخُصُومَة، وَالْخُصُومَة تخْتَص بِمَجْلِس الْقَضَاء كالبينة والاستحلاف وَغَيرهمَا، فَكَذَا جوابها. وَفِي بعض النّسخ على اسْم السَّبَب فِي الْمُسَبّب أَي بِنَاء على اسْتِعْمَاله (فتعم) الْخُصُومَة المستعملة فِي الْجَواب (الْإِقْرَار) كالإنكار، لِأَن الْجَواب كَلَام يستدعيه كَلَام الْغَيْر ويطابقه، مَأْخُوذ من جَانب الفلاة إِذا قطعهَا، فَإِن كَلَام الْغَيْر يقطع بِهِ، وَذَلِكَ كَمَا يكون بِلَا، يكون بنعم (وَلَا يكلم الصَّبِي فَيحنث بِهِ شَيخا) أَي وَمن المهجور شرعا إِرَادَة الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ بِالصَّبِيِّ فِي حلفه: لَا يكلم هَذَا الصَّبِي، لِأَن الصَّبِي من حَيْثُ هُوَ صبي مَأْمُور فِيهِ بالمرحمة شرعا، فَانْصَرف الْيَمين عِنْد الْإِشَارَة إِلَى ذَات الصَّبِي إِلَى خُصُوص الذَّات من غير اعْتِبَار وصف الصِّبَا فَيحنث بِكَلَامِهِ حَال كَونه شَيخا لوُجُود الذَّات (بِخِلَاف الْمُنكر) كَأَن حلف لَا يكلم صَبيا لِأَنَّهُ لم يشر إِلَى خُصُوص ذَات كَأَن الصِّبَا نَفسه مثير الْيَمين، وَإِن كَانَ على خلاف الشَّرْع كحلفه ليشربن خمرًا (وَقد يتَعَذَّر حكمهمَا) أَي الْحَقِيقَة وَالْمجَاز (فيتعذران) أَي الْحَقِيقَة وَالْمجَاز فَيكون ذَلِك لَغوا (كبنتي لزوجته المنسوبة) أَي كَقَوْلِه لزوجته الثَّابِت نَسَبهَا من غَيره هَذِه بِنْتي (فَلَا تحرم) عَلَيْهِ حُرْمَة أبدية سَوَاء كَانَت أكبر مِنْهُ أَو أَصْغَر، أصر على ذَلِك أم رَجَعَ، فَقَالَ: غَلطت أَو وهمت، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (وَإِن أصر) أَي دَامَ على هَذَا الْكَلَام (فَفرق) أَي حَتَّى فرق القَاضِي بَينهمَا (منعا من الظُّلم) بترك قربانها، وَإِنَّمَا قُلْنَا تَعَذَّرَتْ

الصفحة 56