كتاب تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

متفقون على أَنه يجب عَلَيْهِ أَن يسْعَى فِي ثُلثي قِيمَته غير أَنه رَقِيق فِي الْأَحْكَام عِنْده كَالْمكَاتبِ إِلَّا أَنه لَا يرد إِلَى الرّقّ بِالْعَجزِ، وَعِنْدَهُمَا كَالْحرِّ الْمَدْيُون (بِخِلَاف النقضين الْأَوَّلين) أَي النَّقْض بالبينونة بِوَاحِدَة فِي تَنْجِيز الطَّلَاق بطالق وَطَالِق وَطَالِق، والنقض بِبُطْلَان نِكَاح الْأمة الثَّانِيَة فِي هَذِه حرَّة وَهَذِه (لِأَن الضَّم) لما بعد الْوَاو إِلَى مَا قبله فيهمَا (لَا يُغير مَا قبله) يَعْنِي الطَّلَاق وَالْعتاق (من الْوُقُوع) التنجيزي إِلَى عَدمه فَلَا يتَوَقَّف شَيْء مِنْهُمَا على مَا بعده (وَلقَائِل أَن يَقُول: الضَّم الْمُفْسد لَهما) أَي لنكاح الْأُخْتَيْنِ هُوَ الضَّم (الدفعي كتزوجتهما وأجزتهما) أَي نِكَاحي الْأُخْتَيْنِ لِأَنَّهُ جمع بَينهمَا (لَا) الضَّم (الْمُرَتّب لفظا لِأَنَّهُ) أَي إفسادهما فِيهِ (فرع التَّوَقُّف) أَي توقف الأول على الآخر فِي إفادته الحكم (وَلَا مُوجب لَهُ) أَي لتوقفه عَلَيْهِ (فَيصح لأولى) أَي نِكَاحهَا (دون الثَّانِيَة كَمَا لَو كَانَ) الضَّم (بمفصول) أَي بِكَلَام مُتَأَخّر عَن الأول بِزَمَان اسْتدلَّ (المرتبون) بقوله تَعَالَى - {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا ارْكَعُوا واسجدوا} فَإِنَّهُ فهم مِنْهُ تَأَخّر السُّجُود فلولا أَن الْوَاو للتَّرْتِيب لم يتَعَيَّن فَكَانَت حَقِيقَة فِيهِ لِأَن الأَصْل عدم الْمجَاز (وسؤالهم) أَي الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم (لما نزل: {إِن الصَّفَا والمروة}، بِمَ نبدأ)؟ عطف بَيَان لسؤالهم، وَلَوْلَا أَنَّهَا للتَّرْتِيب لما سَأَلُوهُ، وَلما قَالَ " ابدءوا بِمَا بَدَأَ الله بِهِ ". وَلما وَجب الِابْتِدَاء بِهِ، إِذْ لَا مُوجب لَهُ غَيره (وإنكارهم) أَي الصَّحَابَة (على ابْن عَبَّاس تَقْدِيم الْعمرَة) على الْحَج (مَعَ وَأَتمُّوا الْحَج) وَالْعمْرَة لله}، فلولا أَنهم فَهموا التَّرْتِيب لم ينكروا عَلَيْهِ، وهم أهل اللِّسَان (وَبِقَوْلِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بئس الْخَطِيب أَنْت لقَائِل: وَمن يعصهما) أَي الله وَرَسُوله فقد غوى (هلا قلت وَمن يعْص الله وَرَسُوله) فَلَو لم يكن للتَّرْتِيب لما فرق بَين العبارتين بالإنكار: إِذْ لَا فرق بَينهمَا إِلَّا بِالْوَاو الدَّالَّة على التَّرْتِيب كَمَا أَفَادَ بقوله (وَلَا فرق إِلَّا بالترتيب وَبِأَن الظَّاهِر أَن التَّرْتِيب اللَّفْظِيّ للتَّرْتِيب الوجودي وَالْجَوَاب عَن الأول) أَي ارْكَعُوا واسجدوا (بِأَنَّهُ) أَي التَّرْتِيب بَينهمَا (من) قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: صلوا (كَمَا رَأَيْتُمُونِي) أُصَلِّي، رَوَاهُ البُخَارِيّ، فَإِن ظَاهره وجوب جَمِيع خصوصيات صلَاته، غير أَنه خص مِنْهُ مَا دلّ على عدم وُجُوبه دَلِيل (وَعَن الثَّانِي) أَي عَن سُؤَالهمْ: بِمَ يبدءون؟ (بِالْقَلْبِ) أَي دليلكم يقلب عَلَيْكُم فيستدل بِهِ على نقيض مدعاكم: وَهُوَ أَن يُقَال (لَو) كَانَ (للتَّرْتِيب لما سَأَلُوا) ذَلِك لفهمهم إِيَّاه مِنْهُ إِذْ هم أهل اللِّسَان (فَالظَّاهِر أَنَّهَا للْجمع، وَالسُّؤَال لتجويز إِرَادَة الْبدَاءَة بِمعين) مِنْهُمَا وَعدم التَّخْيِير بَين أَن يبْدَأ من الصفاة والمروة (وَالتَّحْقِيق سُقُوطه) أَي الِاسْتِدْلَال بهَا لشَيْء من الْجَانِبَيْنِ (لِأَن الْعَطف فِيهَا) أَي فِي الْآيَة (إِنَّمَا يضم) أَي الْمَعْطُوف إِلَى الْمَعْطُوف عَلَيْهِ (فِي الشعائر) فِي كَونهمَا شَعَائِر الله (وَلَا تَرْتِيب فِيهَا) أَي فِي الشعائر، وَلَو فرض كَون الْوَاو للتَّرْتِيب فَإِنَّهُ يجب فِي خُصُوص الْمقَام الْعُدُول عَن

الصفحة 68