كتاب تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه (اسم الجزء: 2)

ذِي اللَّفْظ الْمُسْتَعْمل فِيمَا شبه بِمَعْنَاهُ الْأَصْلِيّ لعلاقة المشابهة: وَكَثِيرًا مَا يُطلق على اسْتِعْمَال الْمُشبه بِهِ فِي الْمُشبه، وَمَا عدا هَذَا النَّوْع يُسمى مجَازًا مُرْسلا (والكون) عَلَيْهِ أَي (كَون) الْمَعْنى (الْمجَازِي سَابِقًا) أَي فِي زمَان سَابق متلبسا (بالحقيقي) أَي بِالْمَعْنَى الْحَقِيقِيّ بِنَاء (على اعْتِبَار الحكم) وَإِن لم يكن كَذَلِك بِنَاء على اعْتِبَار حَال الْمُتَكَلّم (كآتوا الْيَتَامَى) أَمْوَالهم، فَإِنَّهُم موصوفون باليتم حَال الْخطاب بِهَذَا الْكَلَام، لكِنهمْ لَيْسُوا بموصوفين بِهِ حَال تعلق الإيتاء بهم: بل هم بالغون راشدون عِنْد ذَلِك، فَالْمُعْتَبر فِي اسْتِعْمَال اللَّفْظ حَال الحكم لِأَنَّهُ لم يذكر إِلَّا ليثبت الحكم لمعناه، فَالْمَعْنى الْمجَازِي لِلْيَتَامَى نظرا إِلَى اعْتِبَار الحكم الْمبلغ، وَقد كَانُوا متلبسين بِالْمَعْنَى الْحَقِيقِيّ وَهُوَ الْيُتْم قبل زمَان الحكم بالإيتاء، وَيحْتَمل أَن يكون قَوْله سَابِقًا خبر الْكَوْن، وَقَوله بالحقيقي حَالا، وعَلى اعْتِبَار الحكم صلَة لسابقا (وَالْأول) أَي كَون الْمَعْنى الْمجَازِي (آيلا إِلَيْهِ) أَي إِلَى الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ (بعده) أَي بعد اعْتِبَار الحكم (وَإِن كَانَ) أَي تحقق الْمَعْنى (الْحَقِيقِيّ حَال التَّكَلُّم) بِالْجُمْلَةِ الْمُشْتَملَة على هَذَا الْمجَاز (كقتلت قَتِيلا، وَإِنَّمَا لم يكن) هَذَا (حَقِيقَة لِأَن المُرَاد) قتلت (حبا) يصير قَتِيلا بعد الْقَتْل، فَكَانَ مجَازًا بِاعْتِبَار أَوله بعد الْقَتْل إِلَى الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ، ثمَّ ظَاهر هَذَا الْكَلَام أَنه لَا بُد من الصيرورة إِلَيْهِ فَلَا يَكْتَفِي بِمُجَرَّد توهمها، وَبِه جزم كثير. وَقَالَ بَعضهم يَكْفِي توهمها، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (وَكفى) فِي مجَاز الأول (توهمه) أَي الأول إِلَيْهِ (وَإِن لم يكن) أَي وَإِن لم يتَحَقَّق الأول إِلَيْهِ (كعصرت خمرًا فأريقت فِي الْحَال، وَكَونه) أَي الْحَقِيقِيّ الَّذِي يؤول إِلَيْهِ ثَانِيًا (لَهُ) أَي للمعنى الْمجَازِي ثبوتا (بِالْقُوَّةِ) حَاصله (الاستعداد) أَي كَون الْمَعْنى الْمجَازِي مستعدا لحُصُول الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ لَهُ (فيساوي) هَذَا الْكَوْن الْمعِين بالاستعداد (الأول على) سَبِيل (التَّوَهُّم) على قَول من يَكْتَفِي بِهِ، إِذْ لَا يلْزم من مُجَرّد الاستعداد الْحُصُول والمناقشة بِأَن توهم إتصاف الشَّيْء بالشَّيْء لَا يسْتَلْزم استعداده فِي نفس الْأَمر لَا يلائم هَذَا الْمقَام (وعَلى اعْتِبَار حَقِيقَة الْحُصُول لَا) يُسَاوِي الاستعداد الأول: بل الاستعداد أَعم (فَهُوَ) أَي اعْتِبَار تحقق الصيرورة إِلَيْهِ فِي الأول (أولى) لِأَنَّهُ من العلاقات وَالْأَصْل فِيهَا عدم الِاتِّحَاد (وَيصرف الْمِثَال) أَي عصرت خمرًا فأريقت فِي الْحَال (للاستعداد) لَا للْأولِ لوُجُود التَّوَهُّم فِيهِ، دون التحقق (والمجاورة) وَهَذِه هِيَ العلاقة الْخَامِسَة (وَمِنْهَا) أَي من الْمُجَاورَة (الْجُزْئِيَّة للمنتفى عرفا بانتفائه) أَي كَون الشَّيْء جُزْءا للشَّيْء الَّذِي يَنْتَفِي عرفا بِانْتِفَاء ذَلِك الْجُزْء، وَإِنَّمَا قَالَ عرفا، لِأَن انْتِفَاء الْمركب من الشَّيْء وَغَيره بِانْتِفَاء ذَلِك الشَّيْء ضرورى غير أَنه لَا يُقَال عرفا بِانْتِفَاء بعض الْأَجْزَاء انْتَفَى ذَلِك الشئ كَمَا إِذا انْتَفَى ظفر زيد مثلا لَا يُقَال انْتَفَى زيد عرفا (كالرقبة) فَإِنَّهَا جُزْء للذات وَهِي تَنْتفِي بانتفائها، فَيجوز ذكرهَا وَإِرَادَة

الصفحة 7