كتاب الإحكام شرح أصول الأحكام لابن قاسم (اسم الجزء: 2)

وغيره لم يخص - صلى الله عليه وسلم - يوما من الأيام ولا وقتا من الأوقات بعيادة بل في سائر الأوقات. ولا يطيل الجلوس في الجملة. ويعمل بالقرائن، وظاهر الحال، وورد في فضلها آثار كثيرة منها ما رواه مسلم وغيره "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في مخرفة الجنة" أي في اجتناء ثمارها حتى يرجع وورد عن أكثر من عشرة من الصحابة مرفوعا "من عاد مريضا خاض في الرحمة حتى يجلس فإذا جلس غمرته الرحمة فإن كان غدوة صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي وإن كان مساء صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح" وهو عند الخمسة وغيرهم.
ونص أحمد وغيره لا يعاد المبتدع والداعية فقط. وفي النوادر تحرم عيادة المبتدع ومن جهر بالمعصية. ومن فعل بحيث يعلم جيرانه ولو في داره فمعلن. والمستتر من لا يعلم به غالبا إما لبعد أو نحوه غير من حضره واعتبر الشيخ المصلحة في ذلك. وقال في عيادة النصراني: لا بأس بها فإنه قد يكون في ذلك مصلحة لتأليفه على الإسلام وعاد النبي - صلى الله عليه وسلم - يهوديا فأسلم. وعاد عمه وهو مشرك.
ويسن السؤال عن حاله ويقول: كيف تجدك؟ ويسأل عما يشتهيه ويخبره المريض بما يجده بلا شكوى. ويأخذ الزائر بيده ويقول: لا باس طهور إن شاء الله. وينفس له في أجله لما رواه الترمذي وابن ماجه وغيرهما "إذا دخلتم على المريض فنفسوا له في أجله. فإن ذلك لا يرد شيئا". وإنما هو تطييب لنفسه.

الصفحة 15