كتاب الإحكام شرح أصول الأحكام لابن قاسم (اسم الجزء: 2)

قدر طاقتكم كقوله {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} فمن اتقى الله ما استطاع فقد اتقاه حق تقاته. فإذا جاء الأجل إذا أنتم مسلمون مؤمنون مخلصون مفوضون أموركم إلى الله محسنون الظن به.
وعن عبد الله بن عمرو مرفوعا "من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتدركه منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر ويأتي إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه" رواه أحمد وغيره. ويأتي قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح "لايموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله" وقال تعالى {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} وفي هذه الآيات وغيرها الحض على التأهب للموت قبل نزوله. وفي الحديث "الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت. والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني".
(وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أكثروا
ذكر هاذم اللذات الموت) أي قاطع اللذات ومفرق
الجماعات بعد رغد عيشهم. وميتم البنين والبنات بعد
عزهم بوالديهم (رواه الخمسة) بأسانيد صحيحة وصححه
ابن حبان والحاكم وابن السكن وابن طاهر وغيرهم وله
شواهد. وهو دليل على أنه لا ينبغى للإنسان أن يغفل عن
ذكر أعظم المواعظ وهو الموت فكفى به واعظا.

الصفحة 7