كتاب مفيد الأنام ونور الظلام في تحرير الأحكام لحج بيت الله الحرام (اسم الجزء: 2)

ولو قبل الذبح أو ضل فإنه لا يلزمه بدله إن لم يتعد فيه أو يفرط، وعليه أن يذبح العاطب موضعه وجوباً وحرم أكله وخاصته منه، فإن أبدله من تلقاء نفسه فليس له استرجاع ما عينه، وأوجبه ابتداء من الهدي العاطب أو المسروق أو الضال إذا وجده بل يلزمه ذبحه لأن الوجوب قد تعلق بعين الهدي المذكور دون ذمة صاحبه، وإذا تعلق الوجوب بعين الهدي لزمه ذبحه إذا قدر عليه، أما ما ذبحه أولاً عن هذا الهدي الواجب بنفس التعيين فإنه يعد منه تبرعاً، والحاصل أن ما في المتن هو في الهدي الواجب ابتداء، وما نص عليه أحمد في الهدي الواجب في الذمة، والفرق بينهما هو ما ذكرته والله أعلم، وإن غصب شاة فذبحها عما في ذمته من دم فدية أو تمتع أو قران أو نذر ونحوه لم يجزئه وإن رضي مالكها، وسواء عوضه عنها أو لم يعوضه.
وقال أبو حنيفة: يجزئه إن رضي مالكها، ووجه مأخذنا أن هذا لم يكن قربة في ابتدائه فلم يصر قربة في أثنائه كما لو ذبحها للأكل ثم نواها للتقرب، ولا يبرأ من الهدي الواجب عليه إلا بذبحه أو نحره في وقته ومحله إذا لمقصود إراقة الدم والتوسعة على الفقراء، وإن دفعه إلى الفقراء سليماً فنحروه أجزأ لأنه حصل المقصود بفعلهم فأجزأه، وإن لم ينحروه فعليه أن يسترده منهم وينحره، فإن لم يفعل أو لم يقدر فعليه ضمانه لأنه فوته بتفريطه في دفعه إليهم سليما، ويباح للفقراء الأخذ من الهدي إذا لم يدفعه إليهم بأحد شيئين: أحدهما الإذن فيه لفظاً كقول المالك من شاء اقتطع، والثاني دلالة الحال على الإذن كالتخلية بينهم وبينه لأنه صلى الله عليه وسلم نحر خمس بدن وقال: من شاء فليقتطع، وقال لسائق البدن (اصبغ نعلها في دمها واضرب به صفحتها) وفيه دليل على اكتفاء الفقراء بذلك من غير لفظ وإلا لم يكن مفيداً، والله أعلم.

الصفحة 240