كتاب مفيد الأنام ونور الظلام في تحرير الأحكام لحج بيت الله الحرام (اسم الجزء: 2)

-- فصل:
سوق الهدي من الحل مسنون، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعله فساق في حجته مائة بدنة، وكان يبعث بهديه وهو بالمدينة ولا يجب سوق الهدي لأنه صلى الله عليه وسلم لم يأمر به والأصل عدم الوجوب إلا بالنذر لحديث (من نذر أن يطيع الله فليطعه) ولأنه نذر طاعة فوجب الوفاء به كغيره، ويستحب أن يقف الهدي بعرفة ويجمع فيه بين الحل والحرم، روي استحباب ذلك عن ابن عباس وبه قالت الشافعية وأصحاب الرأي، وكان ابن عمر لا يرى الهدي إلا ما وقف بعرفة.
وقال مالك: أحب للقارن يسوق هديه من حيث يُحرم فإن اشتراه من دون ذلك مما يلي مكة بعد أن يقفه بعرفة جاز انتهى، وقال مالك أيضاً في هدي المجامع: إن لم يكن ساقه فليشتره من مكة ثم ليخرجه إلى الحل وليسقه إلى مكة انتهى.
وحجة الحنابلة أن المراد من الهدي نحره ونفع المساكين بلحمه وهو لا يتوقف على وقوفه بعرفة ولم يرد بما قالوه دليل يوجبه فبقي على أصله.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: وكل ما ذبح بمنى وقد سيق من الحل إلى الحرم فإنه هدي سواء كان من الإبل أو البقر أو الغنم ويسمى أيضاً أضحية، بخلاف ما يذبح يوم النحر بالحل فإنه أضحية، وليس بهدي وليس بمنى ما هو أضحية وليس بهدي كما في سائر الأمصار فإذا اشترى الهدي من عرفات وساقه إلى منى فهو هدي باتفاق العلماء، وكذلك إن اشتراه من الحرم فذهب به إلى التنعيم، وأما إذا اشترى الهدي من منى وذبحه ففيه نزاع، فمذهب مالك أنه ليس بهدي وهو منقول عن ابن عمر، ومذهب الثلاثة أنه هدي وهو منقول عن عائشة انتهى كلام شيخ الإسلام وقد تقدم أول الباب.
ويسن إشعار البدن والبقر فيشق صفحة سنامها اليمنى أو يشق محله مما لا سنام له من إبل وبقر حتى يسيل الدم،

الصفحة 241