كتاب مفيد الأنام ونور الظلام في تحرير الأحكام لحج بيت الله الحرام (اسم الجزء: 2)

وظاهر كلام المنتهى والإقناع وغيرهما أنه لا يشعر غير السنام، وقال في الكافي: يجوز إشعار غير السنام وذكره في الفصول عن أحمد، والظاهر أن ماله سنامان من الإبل كالبخاتي يكفي الإشعار في واحد منهما لأن المقصود العلامة وقد حصلت والله أعلم.
ويسن تقليد إبل وبقر وغنم نعلا أو آذان القرب أو العرى بضم العين جمع عروة لحديث عائشة قالت: (فتلت قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أشعرها وقلدها) متفق عليه، وعن ابن عباس (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بذي الحليفة ثم دعا ببدنه فأشعرها من صفحة سنامها الأيمن وسلت الدم عنها بيده) رواه مسلم وقال مالك وأبو حنيفة لا يسن تقليد الغنم لأنه لو كان سنة لنقل كما نقل في الإبل، قلت: قد نقل، وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم تقليد الغنم فقد قال المجد في المنتقى ما نصه: عن عائشة (أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى مرة إلى البيت غنماً فقلدها) رواه الجماعة، ففي هذا الحديث الصحيح دليل على سنية ذلك، ونعتذر لأبي حنيفة ومالك أن الحديث لم يبلغهما والله أعلم. وقال أبو حنيفة: الإشعار مثله غير جائز، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن تعذيب الحيوان، ولأنه إيلام فهو كقطع عضو منه. وقال مالك: إن كانت البقرة ذات سنام فلا بأس بإشعارها وإلا فلا. وحجة الحنابلة نصوص السنة الصحيحة الصريحة وفعل الصحابة رضي الله عنهم، فيجب تقديم ذلك على عموم ما احتجوا به ولأنه إيلام لغرض صحيح فجاز كالكي والوسم والحجامة، وفائدة الإشعار أن لا تختلط بغيرها وأن يتوقاها اللص ولا يحصل ذلك بالتقليد بمفرده لأنه يحتمل أن ينحل ويذهب إذا ثبت هذا فالسنة الإشعار في صحفتها اليمنى كما تقدم، وبه قالت الشافعية. وقالت المالكية وأبو يوسف بل يشعرها في صحفتها اليسرى.
وحجتنا حديث ابن عباس وتقدم، ولا يسن إشعار الغنم لأنها ضعيفة ولأن صوفها وشعرها

الصفحة 242