كتاب مفيد الأنام ونور الظلام في تحرير الأحكام لحج بيت الله الحرام (اسم الجزء: 2)

والمصنف والشارح الجواز، انتهى.
قلت: المذهب هو الجواز والله أعلم، وفي حديث ابن عباس في صفة أضحية النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ويطعم أهل بيته الثلث ويطعم فقراء جيرانه الثلاث ويتصدق على السؤال بالثلث) رواه الحافظ أبو موسى في الوظائف، وقال حديث حسن، وهو قول ابن مسعود وابن عمر ولا يعرف لهما مخالف من الصحابة، ولقوله تعالى: (فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر) .
والقانع: السائل، يقال قنع قنوعاً: إذا سأل، والمعتر: الذي يعتريك أي يتعرض لك لتطعمه ولا يسأل، وهذا تفسير سعيد بن جبير والحسن، وقيل القانع الجالس في بيته المتعفف يقنع بما يعطى ولا يسأل، والمعتر الذي يسأل، قال عكرمة وقتادة، فذكر سبحانه ثلاثة أوصاف ومطلق الإضافة يقتضي التسوية فينبغي أن يقتسم بينهم أثلاثا، ويستحب أن يتصدق بأفضلها لقوله تعالى: (ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون) وأن يهدى الوسط؛ وأن يأكل الأدون ذكره بعضهم، وكان من شعار الصالحين تناول لقمة من الأضحية من كبدها أو غيرها خروجاً من خلاف من أوجب الأكل، وإن كانت الأضحية ليتيم فلا يتصدق الولي عنه منها بشيء ولا يهدى منها شيئاً ويوفرها له لأنه ممنوع من التبرع من ماله، وكذا المكاتب لا يتبرع منها بشيء إلا بإذن سيدة لما سبق، فإن أكل أكثر الأضحية أو أهدى أكثرها أو أكلها كلها إلا أوقية تصدق بها جاز أو أهداها كلها إلا أوقية تصدق بها جاز لأنه يجب الصدقة ببعضها نيئاً على فقير مسلم لعموم قوله تعالى: (وأطعموا القانع والمعتر) فإن لم يتصدق بشيء منها ضمن أقل ما يقع عليه الاسم كالأوقية بمثله لحماً لأن ما أبيح له أكله لا تلزمه غرامته ولا يلزمه غير ما وجبت الصدقة به لأنه حق يجب عليه أداؤه مع بقائه فلزمته غرامته إذا أتلفه كالوديعة، ويعتبر تمليك الفقير كالزكاة والكفارة

الصفحة 251