كتاب مفيد الأنام ونور الظلام في تحرير الأحكام لحج بيت الله الحرام (اسم الجزء: 2)

ونتكلم الآن على شيء قليل من معانيه ولغته، فنقول وبالله التوفيق: قوله فسأل عن القوم، فيه أنه يستحب لمن ورد عليه زائرون أو ضيفان أن يسأل عنهم لينزلهم منازلهم كما في حديث عائشة (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم) وفيه إكرام أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما فعل جابر بمحمد بن علي، ومنها استحباب قوله للزائر والضيف ونحوهما: مرحباً، ومنها ملاطفة الزائر بما يليق به وتأنيسه، وهذا سبب حل جابر زري محمد بن علي ووضع يديه بين ثدييه، وقوله: وأنا يومئذ غلام شام، فيه تنبيه على أن الرجل الكبير لا يحسن إدخال اليد في جيبه والمسح بين ثدييه، ومنها جواز تسمية الثدي للرجل، وقوله في نساجة: هي بكسر النون وتخفيف السين المهملة وبالجيم، وهو ثوب ملفق على هيئة الطيلسان، وقوله ورداؤه إلى جنبه على المشجب هو بميم مكسورة ثم شين معجمة ساكنة ثم جيم ثم باء موحدة، وهو: اسم لأعواد توضع عليها الثياب ومتاع البيت، وقوله: ثم ركب القصواء، هي بفتح القاف وبالمد: اسم لناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقوله: وأهلّ الناس بهذا الذي يهلون به فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم شيئاً منه ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم تلبيته.
قال القاضي عياض: فيه إشارة إلى ما روى من زيادة الناس في التلبية من الثناء والذكر: كما روى في ذلك عن عمر رضي الله عنه أنه كان يزيد: لبيك ذا النعماء والفضل الحسن، لبيك مرهوباً منك ومرغوباً إليك. وعن ابن عمر رضي الله عنهما: لبيك وسعديك والخير بيديك والرغباء إليك والعمل. وعن أنس رضي الله عنه: لبيك حقاً تعبداً ورقاً، وقوله: استلم الركن، يعني الحجر الأسود، أي مسحه بيده، قوله: فكان أبي يقول ولا أعلمه ذكره إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم، إلخ، معنى هذا الكلام أن جعفر بن محمد روى هذا الحديث

الصفحة 6